كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

وقد أوضحنا أن ثبوت ما هو أخص من النقيض يستلزم ثبوت النقيض، وثبوت النقيض يستلزم انتفاء نقيضه الآخر، في الكلام على القياس المركب من مانعة الجمع المجوّزة للخلو؛ لأنها لا تتركب إلا من قضية وأخصَّ من نقيضها، وثبوت كل واحد من طرفيها يقتضي نفي الآخر؛ لما أوضحنا من أن ثبوت الأخص من النقيض يستلزم ثبوت النقيض، إلى آخره (¬١).
القسم الرابع منها: هو ما يكون السند فيه أعم من نقيض الدعوى الممنوعة.
ومثاله أن يقول المعلل: هذا الشبح حجر، ثم يقيم الدليل على ذلك فيقول: لأنه غير ناطق، وكل غيرِ ناطق فهو حجر، ينتج من الشكل الأول: هو -أي ذلك الشبح- حجر.
فيقول السائل: أمنع صغرى دليلك هذا، وهي قولك: لأنه غير ناطق، ثم يجعل هذا المنع مقرونًا بالسند القطعي فيقول: كيف يكون غير ناطق والحال أنه حيوان؟ فالمقدمة الممنوعة هي (غير ناطق) ونقيضها (هو ناطق) والسند (هو حيوان)، والحيوان الذي هو السند أعم مطلقًا من الناطق الذي هو نقيض الدعوى الممنوعة.
وهذا القسم الرابع لا ينتفع به السائل؛ لأن إثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص، ولكن المعلل إذا نفى ذلك السندَ الذي هو أعم من نقيض الدعوى لزم انتفاءُ نقيض الدعوى؛ لأن نفي الأعم يستلزم نفي
---------------
(¬١) راجع ص ٧٧، ١٣٣، ١٣٤ من المقدمة المنطقية.

الصفحة 220