كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

إمكانها؛ لأن نبي الله موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- لا يجهل المستحيل في حق الله -تعالى-، ولا يلتبس عليه بالممكن حتى يسأله.
وإذا علمتَ أن المناظرة في الإمكان علمتَ أن المعلل إذا أقام دليلًا ينتج الإطلاق، الذي هو الوقوع الفعلي، الذي هو أخص قطعًا من الإمكان، فكأنه أقام الدليل على الإمكان؛ لأن وجود الأخص يستلزم وجود الأعم.
وإذا علمت ذلك فاعلم أن صورة استدلاله على ذلك أن يقول: الله أثبت في كتابه وقوع الرؤية بالفعل، في قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} [القيامة: ٢٢، ٢٣] فصح بنظرها إلى ربها بالفعل يوم القيامة، وكل ما أثبته الله في كتابه فهو حق صحيح، ينتج من الشكل الأول: الرؤية حق صحيح، وهذه النتيجة أخص من الدعوى الممنوعة، التي هي الإمكان، فافهمه؛ لأنه لا يقع بالفعل إلا ما هو ممكن الوقوع، ومن المعلوم بالضرورة أن المستحيل وقوعُه عقلًا لا يقع بالفعل، كما لا يخفى.
ومناقشة استدلال المعتزلة ببعض الآيات كقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣] وقوله: {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: ١٤٣]، ونحو ذلك قد بينا بطلانها في غير هذا الموضع، ومقصودنا هنا مطلق المثال.
الوجه الثاني من وظائف المعلل في جوابه عن منع السائل إحدى مقدمات دليله أو دعواه المجردة هو أن يبطل السند الذي استند إليه

الصفحة 226