كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

السائل في المنع المذكور، وهذا الجواب خاص بالمنع المقترن بالسند؛ لأن إبطاله السند يستلزم بطلان المنع؛ لأن المنع ماسوٍ السندَ في نظر المانع دائمًا، وإن كان في نفس الأمر قد يكون بخلاف ذلك، كما بيناه في الأقسام الستة المذكورة آنفًا، وإبطال أحد المتساويين إبطال لمساويه الآخر كما هو معلوم، وإذا ثبت بإبطال السند إبطال المنع فقد تحقق ثبوت نقيضه وهو الدعوى الممنوعة كما لا يخفى؛ لأن النقيضين لا يرتفعان.
ومن أمثلة ذلك أن يقول المعلل صاحب التصديق: هذا الشبح إنسان، ثم يقيم دليله على ذلك فيقول: لأنه ناطق، وكل ناطق إنسان. فيمنع السائل صُغرى دليله بسند لِمّيٍ فيقول: لا أسلّم أنّ هذا الشبحَ ناطق، لمَ لا يجوز أن يكون حجرًا؟ ، أو لا يجوز أن يكون غير ضاحك؟ ، أو: لم لا يجوز أن يكون غير ناطق؟ ونحو ذلك.
فيقول المعلل: السائل هذه التجويزات العقلية التي استندتَ إليها في منع صُغرى دليلي كلها باطلة، ولا يجوز شيء منها عقلًا؛ لأن ذلك الشبح كاتب قطعًا، وكل كاتب لا يجوز فيه شيء مما ذكرتَ عقلًا، ينتج من الشكل الأول: ذلك الشبحُ لا يجوز فيه شيء مما ذكرتَ عقلًا، وإذا بطل هذا السندُ الجوازي بطل المنع كما تقدم إيضاحه قريبًا.
والوجه الثالث: من وظائف المعلل في جوابه عن المنع المذكور هو تحرير المراد من المدعَى -باسم المفعول- الممنوع، كأن يقول المعلل: لا تجب الزكاة في العُروض، فيقول السائل: لا أسلم دعواك

الصفحة 227