كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

ومثاله أن يقول المعلل: تغريب الزاني البكر سنةً زيادةٌ على قوله -تعالى-: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، وكل زيادة على النص فهي نسخ له، ينتج من الشكل الأول: تغريب الزاني البكر سنةً نسخ لقوله {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا} الآية، ومراده أن الآية متواترة، وأحاديث التغريب أخبار آحاد، والمتواتر عنده لا يُنسخ بالآحاد، فيُمنع عنده التغريب لذلك.
فيقول السائل: أمنع كبرى دليلك هذا، وهي قولك: (وكل زيادة علي النص نسخ)؛ لأن محل ذلك فيما إذا نفت الزيادة شيئًا أثبته النص، أو أثبتت شيئًا نفاه، فإن كانت لم تنف ما أثبته النصُّ ولم تثبت ما نفاه فإنها ليست بنسخ؛ لأنها إنما رفعت البراءة الأصلية فقط، ورفعها ليس بنسخ.
فيجيب المعلل عن منع كبرى دليله هذا بتحرير مراده من المذهب العلمي الذي بَنى عليه الممنوع فيقول: إني بنيت قولي (وكل زيادة على النص فهي نسخ) على مذهب الإمام أبي حنيفة -رحمه الله-، ولم أبنه على رأي من خالفه.
فقد أجاب عن منع كبرى دليله بتحرير المراد من المذهب العلمي الذي بناها عليه.
فهذه هي أجوبة المعلل عن المنع المجرد عن السند والمقرون به.
واعلم أنه لا ينفعه أن يمنع صحة ورود المنع، ولا أن يمنع السند القطعي، ولا أن يمنع صلاحية السند للاستناد إليه، ولا ينفعه الاشتغال

الصفحة 229