كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

فيقول السائل: هذا الدليل منقوض باستلزامه المحال وهو التسلل؛ لأن نفس البسملة أمر ذو بال ينبغي أن يصدّر بالبسملة، وهذه البسملة أيضًا أمر ذو بال ينبغي تصديره بالبسملة، وهكذا إلى غير نهاية، وهو تسلسل ممنوع، واستلزام الدليل له.
فيجب نقض له فيجب المعلل عن هذا النقض بمنع استلزام الدليل للمحال، ويستند في ذلك المنع إلى أن البسملة نفسَها مستثناةٌ من حكم الدليل، فيقول: أمنع استلزام هذا الدليل المحال؛ لأن محل ذلك فيما لو كانت البسملة نفسُها مع كونها من الأمور ذواتِ البال داخلةً في عموم (كل أمر ذي بال)، لكنها غيرُ داخلة فيه، بل مستثناة منه.
ومثال منع كونه محالًا أن يقول المعلل: هذان الأمران يتوقف إدراك كل واحد منهما على إدراك الآخر، وكل شيئين توقف إدراك كل واحد منهما على إدراك الآخر استحال إدراك أي واحد منهما؛ لاستلزام ذلك للدور المحال.
فيقول السائل: دليلك هذا منقوض بالجوهر والعرض؛ فإنهما أمران يتوقف إدراك كل واحد منهما على إدراك الآخر، مع إمكان إدراكهما معًا كما هو مشاهد، والدور الذي استلزمه دليلك ليس محالًا؛ لأنه دور مَعِيٌّ، والمحال إنما هو الدور السبقي.
وللمعلل بعد ورود النقض على دليله أن يثبت مُدّعاه بدليل آخر، فيكون ذلك إفحامًا من وجه، وإظهارًا للصواب من وجه.

الصفحة 243