كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

فصل في المعارضة
وهي الطريق الثالثة من الطرق الثلاث التي تقدم الكلام عليها (¬١).
اعلم أولًا أن جميع طرق الاعتراض راجعة إلى شيئين: وهما المنع والمعارضة، وبعضهم ردها كلها إلى شيء واحد وهو المنع، كما قال صاحب مراقي السعود (¬٢):
وللمعارضة والمنع معا ... أو الأخيرِ الاعتراضُ رجعَ
واعلم أن المعارضة في الاصطلاح هي إقامة الخصم الدليلَ المنتجَ نقيضَ الدعوى التي استدل عليها خصمُه وأثبتها بدليله، أو المنتجَ ما يساوي نقيضها أو ما هو أخصُّ من نقيضها؛ لأن إقامته الدليلَ المنتجَ أحدَ الأمور الثلاثة يلزمه إبطال دعوى خصمه؛ لأنه إن ثبت نقيضها أو مساوي نقيضها أو أخصُّ من نقيضها بدليل المعارض فقد تحقق بطلانها؛ لاستحالة اجتماع النقيضين، واستحالة اجتماع الشيء ومساوي نقيضه، واستحالة اجتماع الشيء والأخص من نقيضه كما تقدم إيضاحه (¬٣).
ومثال المعارضة بإثبات النقيض أن يقول المعلل المعتقد مذهبَ الفلاسفة الباطلَ في قدم العالم: العالم قديم، ثم يقيم الدليل في زعمه
---------------
(¬١) وهي: النقض التفصيلي، والنقض الإجمالي، والمعارضة، راجع ص ٢٠٣، ٢٣٢، ٢٣٣.
(¬٢) ص ١٠٠، رقم (٨٠٧)، دار المنارة، جدة، ١٤١٦ هـ.
(¬٣) راجع ص ٧٧، ١٣٤، ٢١٨ - ٢٢٠.

الصفحة 244