كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

الأكوان إلخ .. ، فأثبت بدليله نقيض تلك الصغرى، أو ما يساويه، أو ما هو أخص منه، بعد الاستدلال عليها، فإن ذلك يسمى معارضة في العلة، ويقال له أيضًا: معارضة في المقدمة.
والحاصل أن المعارضة إن وُجهت إلى الدعوى الأصلية المدلل عليها فهي المعارضة في الدليل، وإن وجهت إلى إحدى مقدمات دليل الدعوى الأصلية فهي المعارضة في العله.
وقد عرفت مما مر أن المعارضة لا توجه إلى إحدى مقدمات الدليل إلا إذا كانت تلك المقدمة قد استُدل عليها؛ لأنها إن لم تكن قد استدل عليها لا يتوجه إليها إلا المنع، وتعد معارضتها حينئذٍ غصبًا كما تقدم إيضاحه (¬١).
وقد علمت مما مر أن كل واحد من هذين القسمين ينقسم إلى ثلاثة أقسام وهي: المعارضة على سبيل القلب، والمعارضة بالمثل، والمعارضة بالغير، وسنوضح إن شاء الله -تعالى- المعارضة على سبيل القلب وغيرَها مع أمثلة متعددة فقهية، في تطبيق المعارضة على القادح المعروف في الأصول بالمعارضة (¬٢)، ولذلك سنختصر الكلام عليها هنا.
أما النوع الأول الذي هو المعارضة على سبيل القلب فهو معارضة دليل المعلل بعين دليله، وإيضاحه أن يقول له: دليلك هذا ينتج نقيض دعواك، فهو حجة عليك لا لك.
---------------
(¬١) ص ٢٠٢، ٢٣١.
(¬٢) انظر ما يأتي ص ٣١٩.

الصفحة 248