كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

اختلافهما في الحد الوسط وغيره، كالمقدمتين الصغرى والكبرى، وكأن يكون الدليلان معًا من الشرطي المتصل المستثنى فيه نقيض التالي فيهما معًا مثلًا.
وأما النوع الثالث: وهو المعارضة بالغير فضابطه أن تختلف صورة دليل المعارض وصورة دليل المعلل، كأن يكون دليل أحدهما من الشكل الأول ودليل الآخر من الشكل الثاني والثالث مثلًا، وكأن يكون دليل أحدهما اقترانيًا ودليل الآخر استثنائيًا.
ومثالهما معًا بتقديم المعارضة بالغير ثم المعارضة بالمثل أن يقول المعلِّل المشترط للنية في الوضوء كالمالكي والشافعي والحنبلي: النية شرط في الوضوء. ثم يقيم الدليل على ذلك فيقول: لأن الوضوء طهارة هي قربة غيرُ معقولة المعنى، وكل ما كان كذلك تجب فيه النية، ينتج: الوضوء تجب فيه النية.
فيقول السائل كالحنفي: لو كانت الطهارة التي هي الوضوء تشترط فيها النية لكانت النية تشترط في طهارة الخبث، التي هي إزالة النجاسة عن البدن والثوب مثلًا، لكنها لا تشترط في طهارة الخبث إجماعًا، ينتج: فهي لا تشترط في طهارة الحدث؛ لما قدمنا من أن استثناء نقيض التالي ينتج نقيض المقدم، فدليل المعلل من القياس الاقتراني، ودليل المعارض من القياس الاستثنائي، فهذه معارضة بالغير.
فيعارض المعلل الأول دليل المعارض بقياس استثنائي من نوعه فيقول: لو كانت طهارة الحدث كطهارة الخبث لكان موجَبُها في محل موجِبها، لكن موجَبَها ليس في محل موجِبِها، ينتج: فهي ليست

الصفحة 251