كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

الشكل الرابع لبعده عن الطبع لا يُصار إليه مع تأَتي غيره.
وأما الشكل الثالث: ففي رد الله على اليهود في قولهم: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيءٍ} [الأنعام: ٩١] توصلًا منهم إلى إنكار نبوة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فكأنهم يقولون: (هو بشر. ولا شيء من البشر أُنزل عليه الكتاب) وصغرى المقدمتين حق، وكبراهما باطلة، وهم يزعمون صدقها، فينتج لهم (هو - صلى الله عليه وسلم - ما أُنزل عليه الكتاب) فرد الله -عزَّ وجلَّ- عليهم بقوله -سبحانه-: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} [الأنعام: ٩١].
ونظْمُه من الشكل الثالث: (موسى- عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- بشر، وموسى أُنزل عليه الكتاب) وكلتا المقدمتين حق، وهم يسلمون ذلك، ينتج من الشكل الثالث: (بعض البشر أنزل عليه الكتاب)؛ لأن الثالث لا ينتج إلا جزئية، وهذه النتيجة جزئية موجبة، تناقض السالبة الكلية التي جعلوها كبرى، يعني قولهم: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} [الأنعام: ٩١]، فبطل بذلك إنكارُهم لنبوة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه.
ثم قال البناني -رحمه الله- قال السعد (¬١): الحد الوسط في الشكل الأول والرابع ليس بمتكرر، لأنه إذا وقع محمولًا فالمراد به المفهوم، وإذا وقع موضوعًا فالمراد به الذات.
---------------
(¬١) هو سعد الدين، مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني، الماتريدي، شارح العقائد النسفية والمقاصد، حياته ما بين (٧٢٢ - ٧٩١ هـ).

الصفحة 279