كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

بل ربما لزم أن ينعدِما ... موضوعُ بعضِ الموجَباتِ فاعلما
فالمستحيلُ ذو انعدامٍ موجَبُ ... وعدم الموضوع فيه يوجبُ
وبحر زئبقٍ كذاك ممكنُ ... منعدم موجَبُه لا تؤذنُ
بكون موضوعٍ لها موجودًا ... فبطل اقتضاؤُها الوجودا
فبان مِن ذا للمذكيِّ الحاذق ... الباذقِ (¬١) انعدامُ وجهِ الفارق
والحق في ذاكَ هو التفصيلُ ... فيما له عدولٌ أو تحصيلُ
فكل ما منها اقتضت قيامَ ... وصفٍ بموضوع لها إذا ما
يكونُ وصفُها وجوديًا فقدْ ... صحَّ اقتضاؤها وجودَه فقدْ
لأن منع وصفِ ما قد عُدما ... بصفةٍ ذاتِ وجودٍ عُلما
مثالُ ما ذكرتُ: زيد قائمْ ... أو جالس أو أبيضٌ أو عالمْ
إذِ البياضُ والجلوسُ والقيامْ ... ممتنع وجودُها من ذي انعدامْ
إذْ يستحيلُ أن يقومَ العرَضُ ... بنفسه بدون جِرم يعرضُ
وغيرُ ما ذكرتُه لا يقتضي ... وجودَه موجَبًا اولا فارتضِ
كمثل زيدٌ ممكن أو معلومْ ... فالحكمُ فيه صادقٌ في المعدومْ
والحاصل أن الأمثلة التي ذكرها البناني تستلزمُ إبطال حجة
---------------
(¬١) يقال: رجل حاذق باذق، من باب الإتباع، وهي فارسية معربة.

الصفحة 284