كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

عُجَابٌ (٥)} [ص: ٥]، فأقام الله -جل وعلا- الدليل القاطع الذي يُلقم كل مخالف حجرًا، على أنه هو الإله وحده -جل وعلا-، ولا يمكن بحال أن تكون معه آلهةٌ أخرى فقال -تعالى-: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢].
فهذه شرطية متصلة لزومية، استثناء نقيض تاليها محذوف لظهوره، أي لكنهما لم تفسدا، ينتج: لم يكن فيهما آلهة إلا الله، وهذه النتيجة القطعية لهذا القياس الشرطي المتصل التي هي (لم يكن فيهما آلهة غير الله) نقيض دعواهم تعدّدَ الالهة، وقد عرفت مما أوضحنا في البحث والمناظرة (¬١) أنه إذا قام الدليل القاطع على نقيض الدعوى تحقق بطلان تلك الدعوى بسبب ثبوت نقيضها؛ لاستحالة اجتماع النقيضين.
ووجه صحة الربط بين المقدم والتالي في قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] أوضحه -تعالى- بقوله: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١)} [المؤمنون: ٩١]، وأشار له بقوله -تعالى-: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (٤٢)} [الإسراء: ٤٢]، على أصح التفسيرين.
ولأجل (¬٢) أن القرآن بين أن موجِب فساد السموات على فرض
---------------
(¬١) راجع ص ٢٤٤.
(¬٢) الجار والمجرور هنا متعلقان بما قبلهما، وهو قوله: ووجه صحة الربط .. إلخ.

الصفحة 288