كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

المحال الذي [هو] (¬١) تعددُ الآلهة هو استقلال كل إله دون الآخر بما خلق، وغلبةُ بعضهم لبعض، ونحوُ هذا لا يمكن أن يقوم عليه نظام السموات والأرض، وتنتظمَ معه شؤون العالم، بل هو مستلزم لفساد السموات والأرض، وضياعِ من فيهما.
ولما بين إبطال دعواهم الكفريةِ بالدليل القاطع نزه نفسه، وذلك فيه تأكيد لصحة إنتاج الدليل المذكور بطلانَ دعوى الكفار، وذلك في قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)} فقوله: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ} الآية، تنزويهٌ منه - جل وعلا - لنفسه عن دعوى الكفار بعد إبطالها بالدليل القطعي.
وكقوله: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: ٩١] فقوله أيضًا: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ} الآية، تنزيهٌ عن دعواهم الكفريةِ بعد إقامة الدليل على إبطالها.
فهذه الأدلة القاطعةُ هي المعروفةُ في الاصطلاح بالقياس الشرطي المتصلِ المستثنى فيه نقيضُ التالي، فينتج نقيضَ المقدم كما تقدم إيضاحه (¬٢). والدليل في القرآن على نحو الشرطية المتصلة اللزومية كما ترى.
ومن أمثلة إتيان ما يشبه صور القياس الاقتراني في القرآن قوله
---------------
(¬١) ليست في المطبوعة.
(¬٢) ص ١٣٠.

الصفحة 289