كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

هو الرجم الإحصان، فتخلُّفُ الرجم عنها في غير المحصن إنما هو لفقد شرط تأثيرها في حكمها.
النوع الثالث: تخلف حكمها عنها لا لشيء من الأسباب التي ذكرنا. ومثل له بعضهم بقوله - تعالى -: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (٣)} [الحشر: ٣]. فصرح أنَّه لو لم يكن الجلاء على بني النضير لعذبهم في الدنيا إلى آخر ما ذكر، ثم بين علة ذلك بقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية، [الحشر: ٤] قالوا: فهذه العلة التي هي مشاقة الله ورسوله قد توجد في قوم يشاقون الله ورسوله مع تخلف حكمها عنها، وهو أن ينزل بهم ما نزل ببني النضير للعلة المذكورة، وهذه الآية الكريمة تؤيد قول من قال إن النقض في فن الأصول تخصيص للعلة مطلقًا، لا نقضٌ لها، وعزاه في مراقي السعود (¬١) للأكثرين، في قوله في مبحث القوادح في الدليل في الأصول:
منها وجود الوصف دون الحكمِ ... سمّاه بالنقض وُعاةُ العلمِ
والأكثرون عندهم لا يقدحُ ... بل هُوَ تخصيصٌ وذا يُصَحّحُ
إلى آخر ما ذكر من الأقوال، كما أوضحنا في غير هذا الموضع.
وإذا علمتَ أن تخلف حكم العلة عنها هو المسمى في اصطلاح أهل الأصول بالنقض، وأنهم مختلفون فيه: هل هو قادح في العلة أو
---------------
(¬١) ص ٩٥، رقم (٧٦٢، ٧٦٣)، وفيه: (مصحح) بدل (يصحح).

الصفحة 299