كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

ومثاله ما لو أضجع الوالد ولده فذبحه أو شق بطنه أو قطع رأسه، ونحو ذلك مما لا يحتمل التأديب بحال، بل لا يحتمل إلَّا قصد القتل عمدًا عدونًا، فإنّ المالكية ومن وافقهم يقولون بوجوب القصاص من الأب في نحو هذه الصورة.
فلو قال المعترض عليهم: في هذه الصورة قتلُ عمد عدوان، وهذه هي علة القصاص، وقد تخلف حكمها عنها الذي هو القصاص، وذلك نقض لها.
فإن المالكية يجيبون عن هذا النقض بمنع تخلف الحكم فيقولون: الحكم غير متخلف هنا، والقصاص واجب من الأب في هذه الصورة.
ومن الأمثلة أيضًا حرية ولد المغرور؛ لأن المستدل يجيب بأنّ الحكم موجود، وهو رق الولد؛ لوجود علته التي هي رق أمه، ولكن ذلك الرقيق فداه أَبوه بقيمته، وهذا عند من يقول بلزوم القيمة، كما جنح إليه ابن قدامة في روضة الناظر (¬١).
والمالكية الذين يقولون بوجوب القصاص من الأب في القتل الذي لا يحتمل إلَّا قصد إزهاق الروح كما مثلنا له يقولون: قولُكم (الوالد سبب في وجود الولد فلا يصح أن يكون الولد سببًا في إعدامه) منتقِضٌ بما لو زنى الأب بابنته؛ فإنه يُرجم إجماعًا، فقد كان سببًا في وجودها وكانت سببًا في إعدامه، وجناية الزنى ليست أعظم من جناية القتل.
---------------
(¬١) ص ٢٩٧، دار الكتاب العربي، ١٤٠١ هـ.

الصفحة 301