كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

وشرط صحة الجواب بهذا ألا يكون [انتفاء] (¬١) الحكم في صورة النقض مذهبَ المستدل، فالذي يرى عدم القصاص من الأب في الصورة المذكورة لا يمكنه أن يجيب عن النقض المذكور بوجود الحكم الذي هو القصاص، لأنه يرى عدم وجوبه، وكذلك الذي يرى عدم لزوم القيمة في ولد المغرور، فلا يمكنه الجواب بهذا.
الثالث من أوجه الجواب عن النقض: بيان وجود مانع من تأثير العلة في الحكم، أو فقدُ شرط تأثيرها فيه، وقد بيناهما قريبًا بمثالهما.
الرابع من أوجه الجواب عن النقض: هو كون الصورة الوارد فيها النقضُ مستثناةً من القاعدة الكلية بالنص، كما قدمنا أمثلته ببيع العرايا، وصاع التمر في لبن المصرّاة، وتحمُّلِ العاقلة الدية.
الخامس من الأجوبة عن النقض: هو أن تكون المصلحة المشتملةُ عليها العلةُ معارَضةً بمفسدة أرجحَ منها أو مساويةٍ لها.
كأن يقال في أكل المضطر الميتة: قذارة الميتة علة لحرمة أكلها، والعلة التي هي قذارتها موجودة في هذه الصورة، مع أن الحكم الذي هو منع الأكل متخلّف عنها.
فيجاب عن هذا بأن مصلحة تجنب المستقذرات معارَضَةٌ في هذه الصورة بمفسدة هي أرجح منها، وهي هلاك المضطر إن لم يأكل الميتة، فقذارة الميتة علة لمنع اكل، ولكنها هنا عُورضت بما هو أقوى منها.
---------------
(¬١) في المطبوع: (انتقاد)، والمثبت هو الملائم للسياق.

الصفحة 302