كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

كما بيناه بإيضاح، خلافًا لصاحب المراقي والباجي، ولذا قال صاحب مراقي السعود (¬١) إن القدح بالقلب لا يُعترض، في قوله:
والقلب إثبات الذي الحكمَ نَقَضْ ... بالوصفِ والقدحُ به لا يُعترض
وأما المعارضة بغير القلب فهي قسمان: معارضة في الأصل، ومعارضة في الفرع، وبعض أهل الأصول يسميها: الفرقُ بين الأصل والفرع.
وقد علمتَ مما مر أن ضابط المعارضة أنَّها هي إقامة الدليل على خلاف ما أقام الخصم عليه دليله، وهي ترد على جميع الأدلة، قياسًا كانت أو غيره، والأصوليون الذين يقولون إنها قسمان: معارضة في الأصل ومعارضة في الفرع، إنما يريدون المعارضة في القياس خاصة.
أما المعارضة في الأصال فضابطها عندهم أن يُبدي المعترض وصفًا آخر صالحًا للتعليل، كأن يقول الشَّافعي: علة الرِّبَا في البُر الطُعم، فيعارضُه الحنفي والحنبلي بإبداء وصف آخرَ صالحٍ للتعليل، وهو الكيل.
ولا يخفى أن هذا النوع من المعارضة مبنيٌ على القول بمنع تعدد العلل المستنبطة، لأنه على القول بجواز تعددها فلا مانع من أن تكون علةُ المستدل وعلةُ المعترض صحيحتين، والعلل المستنبَطة مختلَف في جواز تعددها، ولذلك اختُلِف في قبول القدح بهذا النوع من
---------------
(¬١) ص ٩٧، رقم (٧٧٨).

الصفحة 323