كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

بعد أن ذكر الستة المنصوص على تحريم الرِّبَا فيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وكذلك كل ما يكال أو يوزن"، وقد بينا في كتابنا أضواء البيان (¬١) أن هذا الحديث ثابت، وناقشنا من ضعّفه، وهو كالنص الواضح على أن معرفة القدر بالكيل والوزن هي علة الرِّبَا، وفي الصحيحين (¬٢) بعد ذكر الرِّبويات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (وكذلك الميزان)، بعد ذكر الكيل في الحديث.
الطريقة الرابعة: أن يبين رجحان ما ذكره على ما أبداه المعترض، ومثاله قول المالكي والحنفي: إن علة كفّارة الجماع في نهار رمضان انتهاكُ حرمة رمضان، فتجب الكفارة عندهما في الأكل والشرب عمدا كالجماع، فيعارضه الشَّافعي والحنبلي بخصوص وصف الجماع الذي رتب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم الكفارة، فيجيب المالكي والحنفي بأن الوصف المتعدي إلى غيره أرجح من الوصف القاصر الذي لم يتعد إلى غيره؛ لأن التعدية من المرجحات، وكون العلة هي انتهاك حرمة رمضان يتعدى بها الحكم من الجماع إلى الأكل والشرب بجامع انتهاك حرمة رمضان، فتجب الكفارة في الجميع، وكون العلة خصوصَ الجماع تكون به قاصرةً على محلها، فلا يتعدى حكمها إلى شيء، مع أن العلة القاصرة مختلف في التعليل بها أصلًا، كما هو معلوم في محله، والقصد مطلق المثال لا مناقشة أدلة الأقوال.
الطريقة الخامسة: منع وجود الوصف الذي عارض به المعترض،
---------------
(¬١) (١/ ٢١٠).
(¬٢) صحيح البخاري برقم (٦٩١٨)، وصحيح مسلم برقم (١٥٩٣).

الصفحة 327