كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

لم يعارض دليله، والثاني أن يبين أن دليله أولى بالتقديم من نص المعارض.
ومثلوا للأول بان يقال: شرط الصوم تبييت النية في [الليل] (¬١)، فلا تصح نيته في النهار؛ قياسًا على القضاء.
فيقول الحنفي: هذا فاسد الاعتبار بمخالفته لقول - تعالى -: {وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} إلى قول - رضي الله عنه -: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٣٥]؛ فإنه يدل على ثبوت الأجر العظيم لمن صام، وذلك مستلزم للصحة.
فيقول المستدل: الآية لا تعارض دليلًا ولا تدل على الصحة؛ لأن عمومها مخصَّص بحديث "إنما الأعمال بالنيات" (¬٢)؛ لأن أول الشروع في الصوم تجرد عن النية فلم يصح، وحديثِ "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" (¬٣).
ومثلوا للثاني بأن يقال: قياس العبد على الأَمة في تشطير حد الزنا بالرق فاسد الاعتبار؛ لمخالفته عموم {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]؛ لأنهم يقولون: هذا القياس مقدم على عموم ذلك النص ومخصِّص له؛ لأنه أخصُّ في محل النزاع منه، والمخصِّص الحقيقي هو مستند القياس، وهو الآية التي دلت على تشطير حد الزنا
---------------
(¬١) في المطبوع: (رمضان)، ولعله سبق فلم.
(¬٢) أخرجه البخاري (١).
(¬٣) سبق تخريجه ص ٢١١.

الصفحة 332