كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

فصل في السؤال الثامن
وهو القادح المسمى في الأصول فساد الوضع، وضابطه أن يكون الدليل على غير الهيئة الصالحة لأخذ الحكم منه، كأن يكون صالحًا لضد الحكم أو نقيضه، كأخذ التوسيع من التضييق، والتخفيف من التغليظ، والنفي من الإثبات، أو الإثبات من النفي.
ومثلوا لأخذ التوسيع من التضييق بقول الحنفي: الزكاة واجبة على وجه الإرفاق لدفع حاجة المسكين فكانت على التراخي، كالدية على العاقلة، فالتراخي الموسع ينافي دفع الحاجة المضيق.
ومثلوا لأخذ التخفيف من التغليظ بقول الحنفي: القتل العمد العدوان جناية عظيمة فلا تجب فيه الكفارة كالردة، فعِظَم الجناية يناسب تغليظ الحكم، لا تخفيفَه بعدم الكفارة.
ومثلوا لأخذ الإثبات من النفي بقول من يرى صحة انعقاد البيع في المحقّرات وغيرها بالمعاطاة كالمالكية: بيع لم توجد فيه الصيغة فينعقد؛ فإن انتفاء الصيغة يناسب عدم الانعقاد لا الانعقاد.
ومثلوا لأخذ النفي من الإثبات بقول الشَّافعي في معاطاة المحقّرات: لم يوجد فيها سوى الرضى فلا ينعقد بها البيع كغير المحقرات، فالرضى الذي هو مناط البيع يناسب الانعقاد لا عدمَه.
والجواب عن القدح بفساد الوضع بأحد أمرين:
الأول: أن يمنع قول الخصم إنه يقتضي نقيض الحكم، كأن يقول

الصفحة 334