كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

الحنفي: قولكم إن القتل عمدًا يقتضي نقيض نفي الكفارة -الذي هو وجوبها- مدفوعٌ بأن جناية القتل لشدة عِظَمها تستدعي أمرًا أغلظ منِ الكفارة وهو القصاص، فليس مرادي بنفي الكفارة التخفيفَ بل التغليظ بما هو أعظم من الكفارة.
والثاني: أن يبين أن ما ذكره يقتضيه دليلُه من جهة أخرى.
كقول الحنفي في مسألة الزكاة المتقدمة: إنما قلت بالتراخي لمناسبته للرفق بالمالك، فالمستدل نظر إلى الرفق بالمالك، والمعترض نظر إلى حاجة المسكين.
وكأن يقول المالكي: قولي في المعاطاة (بيع لم توجد فيه الصيغة إلخ .. ) لم أبْنِ فيه قولي بالانعقاد على عدم الصيغة، وإنَّما بنيته على أن المعطاة تدل على الرضى، والرضى من الطرفين مناسب لانعقاد البيع.
وكأن يقول الشَّافعي: قولي (بيع لم يوجد فيه سوى الرضى فلا ينعقد) لم أبْنِ فيه مذهبي على وجود الرضى، وإنما بنيته على عدم الصيغة، والمعاملات تنعقد بالصيغة.
ومن صور فساد الوضع عندهم كون الوصف (الجامع) ثبت اعتباره بنص أو إجماع في نقيض الحكم أو ضده، أعني الحكم في قياس المستدل، ومثالهم المشهور لهذا تركناه؛ لأن فيه عندنا نظرًا ونراه غلطًا، ومثل له بعضهم بأن يقال في التيمم: مسْحٌ فيُسن فيه التكرار كالاستنجاء، فيقول المعترض: المسح لا يناسب التكرار؛ لأنه

الصفحة 335