كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

ما ينافي الحكم بأصل المستدل، وهذا يثبته بأصل آخر، فلو ذكره بأصله لكان هو القلب.
وفساد الوضع أيضًا يشبه القدح في المناسبة من حيث إن موجِّه القدحِ به نافٍ لمناسبة الوصف للحكم [بمناسبة] (¬١) الوصف لنقيض الحكم، إلَّا أنَّه لا يقصد هنا بيان عدم مناسبة الوصف للحكم، بل بناء نقيض الحكم عليه في أصل آخر، فلو بيَّن مناسبته لنقيض الحكم بلا أصل لكان قدحًا في المناسبة.
فتحصّل مما ذكرنا أن ثبوت المنافي مع الوصف نقض، فإن زِيدَ ثبوتُه بالوصف فهو فساد الوضع، وإن زيد كونه به وبأصل المستدل فقلب، وبدون ثبوته معه فالمناسبة.
ومعلوم أن القدح بالمناسبة لا يكون إلَّا إذا كانت وجهة نظر كل من الخصمين متحدة، فإن اختلفت فلا قدح بعدم المناسبة، كنظر الحنفي إلى الرفق بالمالك في قوله [بالتراخي] (¬٢) في الزكاة، ونظر غيره إلى حاجة المسكين في قوله بوجوب الزكاة على الفور، ونحو ذلك.
والظاهر أن فساد الوضع بالنسبة إلى البحث والمناظرة يمكن رجوعُه إلى النقض، لأن النقض في البحث والمناظرة شامل لكل تخلف للمدلول عن دليله، وما يدل على التغليظ يتخلف عنه الحكم
---------------
(¬١) في المطبوع: (لمناسبة)، والمثبت هو الأليق بالسياق.
(¬٢) في المطبوع: (بالتراضي)، وهو خطأ.

الصفحة 337