كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

بغير ذلك.
فيقول المعترض كالحنفي: سلّمنا أن التفاوت في الوسيلة لا يمنع القصاص، ولكن لا يلزم من إبطال مانعٍ انتفاءُ جميع الموانع ووجودُ جميع الشروط بعد قيام المقتضي. وثبوت القصاص متوقف على جميع ذلك، فقول المستدل (لا يمنع القصاص) نفي، ولأجل ما وقع فيه من الخلل ورد القول بالموجِب، فكان الحنفي يقول للمستدل: ما توهمتَ أنه مبنى مذهبي في القصاص في القتل بالمثقل ليس هو مبناه، فلا يلزم من إبطاله إبطال مذهبي، بل مبنى مذهبي شيء آخرُ لم تتعرض له في اعتراضك، ومعلوم أن موجِب منع الحنفي القصاص في القتل بالمثقل عدمُ تحقق العلة التي هي قصد القتل، فهو عنده من الخطأ شبه العمد؛ إذ لا يلزم من قصدِه ضربَه بالمثّقل قصدُه إزهاقَ روحِه [عنده] (¬١).
الوجه الثاني: أن يقع على ثبوت، وضابطه أن يستنتج المستدِل من الدليل ما يُتوهم منه أنه محلُ النزاع أو مُلازمُه ولا يكون كذلك.
كأن يقال في القصاص في القتل بالمثقّل: قتلٌ بما يَقتل غالبًا لا ينافي القصاص، فيجب فيه القصاص قياسًا على الإحراق بالنار.
فيقول المعترض كالحنفي: سلّمنا عدمَ المنافاة بين القتل بمثقّل وبين ثبوت القصاص، ولكن لم قلت (إن القتل بمثقل يستلزم القصاص) وذلك هو محل النزاع، ولم يستلزمْه دليلُك، وهو العلة التي
---------------
(¬١) في الأصل: عنه، وما أثبتّه هو الموافق للسياق.

الصفحة 346