كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

المعروفةَ بالمعارضة بالمثل، كأن يقال: لو كان غير مستوٍ على عرشه لما مدح نفسه باستوائه على عرشه في سبع آيات من كتابه، لكنه مدح نفسه باستوائه على عرشه في سبع آيات من كتابه، ينتج: هو مستوٍ على عرشه كما قال.
وهذا قياس استثنائي مركب من شرطية متصلة لزومية واستثنائية، استُثنيَ فيه نقيضُ التالي فأنتج نقيضَ المقدم إنتاجًا صحيحًا موافقًا للوحي؛ لصحة الربط بين مقدَّم الشرطية فيه وتاليها، فهي معارضة بالمثل أنتجت الحق الصحيح المطابقَ لكلام رب العالمين، الذي هو نقيض الباطل الذي أنتجه الدليل الباطل.
فتحصل أن قول نافي الاستواء: (لو كان مستويًا على العرش لكان مشابهًا للخلق) باطلٌ من جهات كثيرة: منها على طرق المناظرة منعُ كبرى الدليل، ومنها معارضتُه بمثله، ومنها نقضُه في الجملة باستلزام مثله المحال؛ لأن مثلَه مستلزمٌ نفي السمع والبصر بنفس الدليل المذكور، ونفيُهما محال، وكل دليل أَدّى إلى المحال فهو محال، وذلك في فن البحث والمناظرة من صور النقض الإجمالي كما تقدم إيضاحه (¬١)، لكنه هنا ليس نقضًا محضًا، ولكنه يشبهُهُ شبَهًا قويًّا، من حيث إن المحال يستلزمه مماثل الدليل لا نفسُ الدليل.
(فبان) أن استواءه -جل وعلا- على عرشه لا تلزمه مشابهةُ المخلوق البتة، بل هو -تعالى- قد استوى على عرشه كما قال من غير
---------------
(¬١) ص ٢٣٤.

الصفحة 360