كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

الكذب اللازم من كذب النتيجة في الصغرى، وهي قولكم (هو مستوٍ على عرشه).
وإيضاحُه أنهم يقولون: هو مستوٍ على العرش، وكل مستوٍ على مخلوق عرشًا كان أو غيرَه فهو مشابه للمخلوق، ينتج عندهم: هو مشابه للمخلوق -سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا-، فيقولون: هذه النتيجة كاذبة بالضرورة، والقول بها كفر بواح -والعياذ بالله-، وكذبها لم ينشأ إلا من عدم صحة الصغرى التي هي قولكم (هو مستوٍ على العرش)؛ لأن الكبرى صادقة.
والجواب عن هذا بالمنع، وهو منع صدق الكبرى ومنع كذب الصغرى، وبيانِ أن الحق الذي لا شك فيه هو أن الكبرى التي جاؤوا بها وهي قولهم (وكل مستو على مخلوق فهو مشابه للمخلوق) كاذبة، ومن أجل كذبها جاءت النتيجة كاذبةً مناقضةً لسبع آيات من القرآن.
وهذه الكبرى لا تصدق أيضًا إلا جزئية، كما لو سُوِّرت بسور جزئي، كأن يقال: بعض المستوي على المخلوقُ مشابهٌ للمخلوق؛ لأن محمولها أخص من موضوعها، فلا يصدق الحكم عليه به إلا جزئيًّا، فقولهم (وكل مستوٍ على مخلوق مشابه للمخلوق) كليةٌ موجبةٌ مسورة بسور كلي إيجابي، وهي كاذبة السور، والمسورة تكذب لكذب سورها، كما تكذب الموجهة (¬١) لكذب جهتها، وقد بيّنا أن الاستواء على المخلوق قسمان: أحدهما لا تلزمه مشابهة المخلوق بوجه من
---------------
(¬١) راجع ما سبق تعليقه عن القضايا الموجهة في ص ٩٥, ٢٢٥.

الصفحة 362