كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)}
والأساس الثالث هو أن تعلم أن العقول البشرية عاجزةٌ عن إدراك كيفية اتصاف الله -جل وعلا- بتلك الصفات؛ لأن قوله -تعالى-: {يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)} [طه: ١١٠] صريح في أن إحاطة علم البشر به -جل وعلا- منفية نفيًا باتًا قرآنيًا.
وهذه الأسس الثلاثة التي بينا أنها هي معتقد السلف الصالح وهي تنزيهُه -جل وعلا- عن مشابهة خلقه، والإيمانُ بما وصف به نفسه إيمانًا مبنيًّا على أساس ذلك التنزيه، وكذلك ما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقطعُ الطمع عن الإحاطة بالكيفية -دل عليها كلِّها القرآن العظيم، وهو أصل الهدى ومنبع اليقين، وكلها طرق سلامة محققة لا شك فيها؛ لأنها كلَّها تَمسُّكٌ بالقرآن العظيم، ومن تمسّك به فقد تمسك بالعروة الوثقى.
ولا يؤمَنُ أن الله -جل وعلا- يومَ القيامة يسأل الجميع فيقول لهم: ماذا كنتم تقولون فيما أثنيت به على نفسي من الصفات، أو أثنى علي به رسولي - صلى الله عليه وسلم -؟ أكنتم تنفون وتدّعون أن ظاهره خبيثٌ غيرُ لائقٍ؟ أو كنتم تنزهونني وتصدقونني فيما أثنيت به على نفسي، أو أثني علي به رسولي - صلى الله عليه وسلم -؟ .
ولا شك أن من مات على العقيدة التي ذكرنا ولقي الله يوم القيامة على ذلك أنه آمنٌ من كل عذاب ومن كل توبيخ وتقريع يأتيه من قِبَل واحدٍ من تلك الأسس الثلاثة المذكورة في ضوء القرآن العظيم.

الصفحة 368