كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ} ووصف بعض المخلوقين بالقدرة فقال: {إلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيهِمْ} [المائدة: ٣٤]، ووصف نفسه بالسمع والبصر فقال {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: ٧٥] ووصف بعض المخلوقين بالسمع والبصر في قوله: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (٢)} [الإنسان: ٢]، ووصف نفسه بالحياة فقال: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢)} الآية [البقرة: ٢٥٥ {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: ٥٨]، ووصف بعض خلقه بالحياة فقال: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [الروم: ١٩ {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ}، {وَسَلَامٌ عَلَيهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)} [مريم: ١٥] وأمثال هذا كثيرة جدا في القرآن، كما أوضحناه في غير هذا الموضع، ووصف نفسه بالاستواء على العرش في سبع آيات من كتابه، ووصف بعض خلقه بالاستواء أيضًا كقوله: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيتُمْ عَلَيهِ} [الزخرف: ١٣] وكقوله: {فَإِذَا اسْتَوَيتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون: ٢٨] وقوله: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: ٤٤]، فاستواؤه وقدرته وسمعه وبصره وحياته وسائر صفاته منزهة عن مشابهة صفات المخلوقين، واستواء المخلوقين وسمعُهم وبصرهم وقدرتهم وإرادتهم كل ذلك مناسب لحالهم، وبين صفاته -تعالى- وصفاتهم في الجميع كالفرق الذي بين ذاته وذواتهم، فافهم ما ذكرنا وتمسك بنور الوحي الذي أوضحنا؛ فالسلامة محققة في اتباع الوحي، وليست محققةً في شيء غيره، ولم يضمن الله لإنسان أن يكون غير ضال في الدنيا ولا شقي في الآخرة إلا متبعَ هداه الذي هو القرآن، كما في قوله -تعالى-: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: ١٢٣].

الصفحة 372