كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

والقولةُ المشهورةُ الصحيحةْ ... جوازهُ لكاملِ القريحةْ
مُمارِسِ السُنّةِ والكتابِ ... ليَهتدي به إلى الصوابِ
فمحلُّه المنطقُ المشوبُ بكلام الفلاسفة الباطل.
ومن المعلوم أن فن المنطق منذ تُرجم من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية في أيام المأمون كانت جميعُ المؤلفات توجدُ فيها عِباراتٌ واصطلاحات منطقيةٌ لا يفهمُها إلا من له إلمامٌ به، ولا يَفهم الردَّ على المنطقيين في ما جاؤوا به من الباطل إلا من له إلمام بفن المنطق.
وقد يعين على رد الشبه التي جاء بها المتكلمون في أقيسة منطقية، فزعموا أن العقل يمنع بسببها كثيرًا من صفات الله الثابتةِ في الكتاب والسنة؛ لأن أكبر سبب لإفحام المبطل أن تكون الحجة عليه من جنس ما يحتج به، وأن تكون مركبة من مقدمات على الهيأة التي يعترف الخصم المبطل بصحة إنتاجها.
ولا شك أن المنطق لو لم يترجم إلى العربية ولم يتعلمه المسلمون لكان دينُهم وعقيدتُهم في غنىً عنه، كما استغنى عنه سلفهم الصالح، ولكنه لما تُرجم وتُعُلِّم، وصارت أقيسته هي الطريق الوحيدة لنفي بعض صفات الله الثابتةِ في الوحيين، كان ينبغي لعلماء المسلمين أن يتعلموه وينظروا فيه ليردّوا حجج المبطلين بجنس ما استدلوا به على نفيهم لبعض الصفات؛ لأن إفحامهم بنفس أدلتهم أدعى لانقطاعهم وإلزامهم الحق.
واعلم أن نفس القياس المنطقي في حد ذاته صحيح النتائج، إن

الصفحة 6