كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

ركبت مقدماتُه على الوجه الصحيحِ صورةً ومادةً مع شروط إنتاجه فهو قطعي الصحة، وإنما يعتريه الخلل من جهة الناظر فيه، فيغلط، فيظن هذا الأمر لازمًا لهذا مثلًا، فيستدل بنفي ذلك اللازم في زعمه على نفي ذلك الملزوم، مع أنه لا ملازمةَ بينهما في نفس الأمر البتة.
ومن أجل غلطه في ذلك تخرج النتيجةُ مخالفةً للوحي الصحيح؛ لغلط المستدِل، ولو كان استعماله للقياس المنطقي على الوجه الصحيح لكانت نتيجتُه مطابقةً للوحي بلا شك؛ لأن العقل الصحيح لا يخالف النقل الصريح.
وإيضاحه باختصار أن القياس المنطقي نوعان:
الأول: الاقتراني، وهو المعروف بالحملي، وقياسِ الشمول، كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله (¬١)، وسائر أشكاله راجعةٌ إلى الشكل الأول، ووجهُ الحكم العقلي بصحة إنتاج الشكل الأول هو أن الحد الأصغرَ إذا اندرج في الحد الأوسط، واندرج الأوسط في الأكبر، لزم عقلًا اندراج الأصغر في الأكبر، وهذا أمر عقلي لا شك فيه، ولا يتغير بتغير الزمان؛ لأنه حكم عقلي قطعي ثابت.
وأما القياس الاستثنائي (¬٢) إن كان مركبًا من متصلة لزومية واستثنائية فلا يُنتج منه إلا ضربان، وحاصلهما بالتقريب للذهن أن نفي اللازم يقتضي نفي الملزوم، وثبوتَ الملزوم يقتضي ثبوتَ اللازم،
---------------
(¬١) ص ١٠٥ وما بعدها.
(¬٢) وهو النوع الثاني من نوعي القياس، وسيأتي إيضاحه ص ١٢٨ وما بعدها.

الصفحة 7