كتاب آداب البحث والمناظرة (اسم الجزء: 1)

وقوله في المطلقات الحوامل: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] في قوة جزئية سالبة هي قولك: (بعض المطلقات لا يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)، بل ينتظرن وضع حملِهنّ، فهذه الجزئية السالبة لم تناقض تلك الكلية الموجبة، بل هي مخصصة لعمومها.
وكذلك قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} الآية [الأحزاب: ٤٩]. فهو أيضًا في قوة جزئية سالبة هي قولك: (بعض المطلقات لا يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)؛ لأنهن لا عدة عليهن أصلًا، وهن المطلقات قبل الدخول.
وكل المخصِّصات المنفصلة المعروفة في فن الأصول أمثلة لما ذكرنا، كقوله -تعالى-: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] فإنه كلية موجبة؛ لأن لفظة (ما) في الآية صيغة عموم. فهو في قوة: وأحل لكم كل امرأة سوى ما ذكر من المحرمات في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} إلى قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} الآية [النساء / ٢٣ - ٢٤].
وتحريم النبي - صلى الله عليه وسلم - لنكاح المرأة على عمتها أو خالتها في قوة جزئية سالبة هي قولك: (بعض ما وراء ذلك ليس بحلال لكم) كجمع المرأة وعمتَها وخالتَها، فهو تخصيص لا تناقض، وهكذا فافهمه فإنه مهم.
واعلم أن التناقض باعتبار الجهة لم نذكره لأنا لم نتعرض للجهة

الصفحة 94