كتاب البدر المنير (اسم الجزء: 5)

وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فِي سَبَب الْقعُود قَالَ: «كَانَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - يقوم فِي الْجِنَازَة حَتَّى تُوضَع فِي اللَّحْد، فَمر حبر من الْيَهُود فَقَالَ: هَكَذَا نَفْعل. فَجَلَسَ رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَقَالَ: اجلسوا؛ خالفوهم» . وَإسْنَاد هَذَا ضَعِيف؛ فِيهِ بشر بن رَافع - وَلَيْسَ بِحجَّة - عَن ابْن جُنَادَة، وَفِيه نظر كَمَا قَالَ البُخَارِيّ، وَقَالَ أَيْضا: هَذَا حَدِيث مُنكر، لم يُتَابع عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْن حبَان: لَا أَدْرِي البلية من سُلَيْمَان بن جُنَادَة أَو من بشر. وَقَالَ الْعقيلِيّ: لَا يحفظ ذكر الحبر إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث. وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد عَن عليٍّ قَالَ: «لم يقم النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - إِلَّا مرّة، ثمَّ لم يعد» وإسنادها أَيْضا ضَعِيف، (و) قَالَ الشَّافِعِي (رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدِيث) عَلّي - (يَعْنِي) الَّذِي رَوَاهُ مُسلم - أصح شَيْء فِي هَذَا الْبَاب، وَهُوَ نَاسخ لحَدِيث عَامر بن ربيعَة وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَغَيرهمَا من الْأَحَادِيث الثَّابِتَة فِي «الصَّحِيحَيْنِ» «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أَمر بِالْقيامِ لمن مرت بِهِ جَنَازَة حَتَّى تخلفه أَو تُوضَع، وَأمر من مَعهَا أَن لَا يقْعد عِنْد الْقَبْر حَتَّى تُوضَع» حَتَّى قَالَ سليم الرَّازِيّ والمحاملي وَغَيرهمَا من أَصْحَابنَا: يكره الْقيام لَهَا إِذا لم يُرد الْمَشْي مَعهَا. وَخَالف صَاحب «التَّتِمَّة» فِي ذَلِك وَقَالَ: يسْتَحبّ ذَلِك، وَهُوَ قوي، وَبِه صحت الْأَحَادِيث بِالْأَمر بِالْقيامِ، وَلم يثبت فِي الْقعُود إِلَّا حَدِيث عليٍّ السالف، وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي النّسخ،

الصفحة 229