كتاب حسن البنا - الرجل القرآني

آية متاعبة أنه يعمل في مجرى تراكمت فيه الجنادل والصخور، وكان هذا مما يدعوه إلى أن يدفع أتباعه إلى التسامي ويدفعهم إلى التغلب على مغريات عصرهم والاستعلاء علي الشهوات التي ترتطم بسفن النجاة فتحول دون الوصول إلى البر.

كان يريد أن يصل إلى الحل الأمثل، مهما طال طريقه، ولذلك رفض المساومة، وألغى من برنامجه أنصاف الحلول، وداوم فى إلحاح القول بأنه لا تجزئة في الحق المقدس في الحرية والوطنية والسيادة .. وكان هذا مما سبب له المتاعب والأذى.

وراعت بعض من حوله الثمرة، وعجزت أعصابهم عن أن تقاوم البريق، فسقطوا في منتصف الطريق.

كان يؤمن بالواقعية ويفهم الأشياء على حقيقتها، مجردة من الأوهام، وكان يبدو - حين تلقاه - هادئًا غاية الهدوء، وفي قلبه مرجل يغلي، ولهيب يضطرم فقد كان الرجل غيورًا على الوطن الإسلامي، يحترق كلما سمع بأن جزءًا منه قد أصابه سوء أو ألم به أذى، ولكنه لم يكن يصرف غضبته - كبعض الزعماء - وفي مصارف الكلام أو الضجيج أو الصياح، ولا ينفس عن نفسه بالأوهام، وإنما يوجه هذه الطاقة القوية إلى العمل والإنشاء والاستعداد لليوم الذي يمكن أن تتحقق فيه آمال الشعوب.

الصفحة 11