كتاب حسن البنا - الرجل القرآني

وكان في عقله مرونة، وفي تفكيره تحرر، وفي روحه إشراق، وفي أعماقه إيمان قوى جارف.

وكان متواضعًا تواضع من يعرف قدره، متفائلاً، عف اللسان، عف القلم، يجل نفسه عن أن يجري مجرى أصحاب الألسنة الحداد.

كان مذهبه السياسي أن يرد مادة الأخلاق إلى صميم السياسة بعد أن نزعت منها وبعد أن قيل: إن السياسة والأخلاق لا يجتمعان.

وكان يريد أن يكذب قول تاليران: «إن اللغة لا تستخدم إلا لإخفاء آرائنا الحقيقة» فقد كان ينكر أن يضلل السياسي سامعيه أو أتباعه، أو أمته. وكان يعمل على أن يسمو بالجماهير، ورجل الشارع، فوق خداع السياسة، وتضليل رجال الأحزاب.

وكان يوم الثلاثاء .. يومًا مشهودًا يتجمع فيه بعض مئات من أنحاء القاهرة ليستمعوا إلى هذا الرجل الذي يصعد المنصة في جلبابه الأبيض وعباءته البيضاء وعمامته الجميلة، فيجيل النظر في الحاضرين لحظة .. بينما تنطلق الحناجر بالهتاف.

.. ولا تدهشك خطابته بقدر ما تدهشك إجابته

الصفحة 12