كتاب حسن البنا - الرجل القرآني

وما ارتفع منها وما انخفض .. وألوانها السياسية وأثرها في قراها وبلادها ورضا الناس عنها أو بغضهم لها .. وما بين البلاد أفرادًا وأحزابًا وهيئات وطوائف من خلافات أو حزازات .. كان يزور أحيانًا بلدًا من البلاد بلغت فيه الخصومة بين عائلتين مبلغها، وكل عائلة تود أن تستأثر به لتنتصر على الأخرى، فيقصد إلى المسجد مباشرة، أو يغير طريق سفره فلا يستقبله أحد إلا بعد أن يكون قد قصد إلى دار عامل فقير في البلد ..

.. وكنت إذا قلت له فلان .. الحسيني مثلاً أو الحديدي أو الحمصاني قال لك .. إن هذا الاسم تحمله خمس أسر أو أربع إحداها في القاهرة والثانية في دمنهور والثالثة في الزقازيق والرابعة في .. فأيها تقصد؟

وكانت هذه الزيارات المتوالية طوال هذه السنوات المتتالية، قد كونت له رأيًا في الناس .. فقل أن تكون قرية في مصر لا يعرف الرجل شبابها وأعيانها ووزراءها ورجال الأحزاب والدين والمتصوفة فيها .. ولا يكون قد تحدث إليهم واستمع منهم .. وعرف آمالهم ورغباتهم، وفي خلال الزيارات .. كنت ترى الرجل بسيطًا غاية البساطة ينام في الأكواخ أحيانًا، ويجلس على «المصاطب» ويأكل ما يقدم له ..

الصفحة 14