كتاب حسن البنا - الرجل القرآني

كل ما أستطيع أن أقوله هنا، أن الرجل أفلت من غوائل المرأة والمال والجاه، وهي المغريات الثلاث التي سلطها المستعمر على المجاهدين، وقد فشلت كل المحاولات التي بذلت في سبيل إغرائه.

وقد أعانه على ذلك صوفيته الصادقة، وزهده الطبيعي، فقد تزوج مبكرًا وعاش فقيرًا وجعل جاهه في ثقة أولئك الذين اِلْتَفُّوا حوله، وأمضى حياته القصيرة العريضة مجانبًا لميادين الشهرة الكاذبة، وأسباب الترف الرخيص.

وكان يترقب الأحداث في صبر ويلقاها في هدوء، ويتعرض لها في اطمئنان، ويواجهها في جرأة.

لقد شاءت الأقدار أن يرتبط تاريخ ولادته، وتاريخ وفاته بحادثين من أضخم الأحداث في الشرق فقد ولد عام 1906 وهو عام دنشوا، ومات عام 1949، وهو عام إسرائيل، التي قامت شكليًا سنة 1948 وواقعيًّا سنة 1949.

وكان الرجل عجيبًا في معاملة خصومه، وأنصاره على السواء، كان لا يهاجم خصومه ولا يصارعهم بقدر ما يحاول إقناعهم وكسبهم إلى صفه، وكان يرى أن الصراع بين هيئتين لا يأتي بالنتائج المرجوة.

الصفحة 8