كتاب بين الرشاد والتيه

إن اللحظة تفرض أن نسد أذنينا وخاصة أنوفنا حتى لا نشم رائحة هذا النفاف. يجب أن نفرض الصمت والتأمل والعمل، لأنه ليس لدينا من الوقت متّسع لنسمع ثرثرة الآخرين وخصوصا ثرثرتنا.
في الحقيقة إذا كان الصمت من ذهب، قبل المأساة، فإنه اليوم من الذهب المصفى.
يجب على العرب، في الوضع الراهن، أن ينظموا سلوكهم تنظيما لا يتركون معه ما يستغله العدو: يجب أن تكون جبهتهم في الخارج كالبنيان المرصوص في ترتيب سياسة البترول، حتى يكون له دور فعال في الملابسة الديبلوماسية الراهنة، وفي الداخل يجب عليهم تنظيم دارهم، لأن الدرس لا يكون مفيدا إذا بقي الوضع كما هو، وقد أدانته بشدة الأحداث ذاتها.
لقد قلنا في المرة السابقة، إن كلمة (حذر) يجب ألا تكون فقط كلمة تتحلى بها الصفحات الأولى من جرائدنا، والسطور الأولى من خطاباتنا، بل يجب أن تكون قاعدة يراعيها في سلوكه: المواطن والمسؤول معا.
وإذا قلنا (قاعدة) نعني بذلك شيئا يطبق في الحين وتكون له نتائج عاجلة.
إننا لنهتف لنشر قائمة (أصدقاء الصهيونية في العالم الغربي) المعلقة على جدران شوراعنا. ولكن ... عفوا أين قائمة (أصدقاء الصهيونية) الذين يتفسحون في شوارعنا؟
يجب ألا يوضع المحراث قبل الثيران. وعلينا بهذه المناسبة أن نحيي الأصدقاء الأجانب المتعاونين معنا، ولكن نقول لهم في الوقت نفسه كما نقول لأنفسنا: ((يجب أولا أن يُحترم النظام في دارنا ويسود)).

الصفحة 126