كتاب بين الرشاد والتيه

لكن هذه العملية ليست ممكنة إلا إذا قرر العام! الثالث إنشاء (مصرف المواد الخام) تجاه مصرف العملة، سواء كان اسمها البنك العالمي للتنمية أو غير ذلك.
ويجب بعد ذلك ألا ينشأ هذا المشروع في صورة تحدٍّ، ولكن على أنه تدعيم للعدالة بين الدول، وللفعالية في البلاد المتخلفة.
فالأدوار موزعة في الوضع الراهن توزيعا تمثل فيه المادة الخام دور (العرض) والعملة دور (الطلب)، بينما مجرد النظرة في ميزانية التبادل بين الشمال والجنوب في العالم- حيث يمثل الشمال الصناعة والجنوب المواد الخام- تكشف عن عدم توازن صريح في توزيع الفائدة.
إنني ذكرت رقما كان تحت يدي عندما كنت أحرر فصل (مبادئ إقتصاد فعال) في كتاب الفكرة الأفروسيوية، وكان يعبر إجمالا على عدم التوازن بالنسبة لبلد مثل مراكش، حيث كانت قيمة الطن من صادراته (المادة الخام) ست مئة فرنك، وقيمة الطن من وارداته (المادة المصنوعة) 2300 فرنك.
إن هذا الرقم، على الرغم من أنه قديم (سنة 1952)، يعبر على الأقل بطريقة رمزية عن عدم توازن زاد في التعمق خلال السنين الأخيرة، زيادة لا تكشف معه خريطة العلاقات الإقتصادية الراهنة بين الشمال والجنوب، عن اندمال التخلف بل عن زيادته نسبيا.
هذا الوضع هو الذي يلزمنا بإنشاء (مصرف المادة الخام) لإصلاح حال المادة الخام التي تمثل العرض، في العمليتين الأساسيتين: إنتاجها وتسويقها.
فالبلاد النامية زهدت، بعد إستقلالها، في استخلاص النتائج التي يقتضيها وضعها الجديد.

الصفحة 151