كتاب بين الرشاد والتيه

ثم نراه في فترة وجيزة يغير موقفه تماما في الموضوع: فيطلق العنان للنسل دون تخفيض في منحنى التنمية.
بل على العكس من ذلك، فقد ازدادت في الصين سرعة التنمية في تلك الفترة التي تسميها (الوثبة إلى الأمام).
هل نستطيع من هنا أن نقرر أن التجربة قد دلت على عدم صحة النظرية العامة القائمة على الأرقام، والتي تربط بين نسبة زيادة السكان ونسبة الإستثمار بعلاقة عكسية؟.
وهل نكون بذلك قد كذبنا الأرقام التي كان لها فعلا ثقلها في تحديد منحنى التنمية في أكثر من بلد من العالم الثالث، حيث كان من الصعب تحقيق (شروط الإقلاع) بسبب تزايد السكان بالذات؟.
علينا أن نكون أقرب للمنطق فنجد إذن تفسيرا آخر. فالصين قد اكتشفت في نظرتها الثانية إلى الموضوع، طريقة تعويض، تعوض في مخطط الإستثمار الأثر السلبي لعامل السكان، ذلك الأثر الذي فعل فعله في تجربة الهند.
وقد يهمنا أن ننكب على المشكلة لنتفحصها عن كثب: فالمرحلتان اللتان مرت بهما التجربة الصينية تدلان على صورتين للإستثمار: الواحدة منهما على عكس الأخرى بل تنافيها تماما.
ولعلنا، نبسط الأشياء من أجل الفهم، إذا ما عرضناها في صورة جبرية، تكشف أكثر سمات النظريتين:
1) ففي الحالة الأولى سيكون العمل النتيجة النهائية للإستثمار، في صورة عدد من الوظائف يخلقها الإستثمار.
2) أما في الحالة الثانية فالإستثمار هو نفسه نتيجة العمل مقدرا بساعات عمل ( H.T) .

الصفحة 178