كتاب بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
= وليس كذلك. إنما رجح البيهقيُّ أن الحديث المرفوع من طريق مجاهد لا يصحُّ والموقوف هو الصواب كما ذكرنا ذلك قبل، وقلنا: ليس معنى قوله: "هو الصواب" أنه صحيحٌ.
ولو سلمنا -جدلًا- أن موقوف مجاهدٍ صحيحٌ، ولزمنا الترجيحُ لرجحنا حديث عبيد الله بن عبد الله بن عمر، لأنه أولى في أبيه وأخصُّ به من مجاهدٍ، فكيف وقد تابعه أخوهُ عبدُ الله؟!!
...
* الوَجْهُ الرَّابِعُ: فقولهم: "إنه شاذٌّ".
فالجوابُ: أنه ليس بشاذّ، وقد قال الشافعيّ رحمه الله "ليس الشاذُّ أن ينفرد الثقةُ برواية الحديث، بل الشاذُّ أن يروي خلاف ما رواه الثقات".
فيقال لهم: أين السبيل إلى معرفة من هو أوثق من ابن عمر ويروى حديثًا خلاف روايته؟! ولن يجدوا إليه سبيلًا.
وأما قولُهم: "إن صحة السند لا تستلزمُ صحة المتن المروى به" (¬1). =
¬__________
(¬1) وهذا القولُ استغلهُ بعض الجهلة بعلم الحديث في عصرنا أسوأ استغلال ومنهم الشيخ محمَّد الغزالى المصري، فإنه يأتى على كل حديث لا يوافق هواه وإن كان في "الصحيحين"، وإسنادُة في غاية القوة، ولم يتكلم عالمٌ في الدُنيا عليه بشىء، فيقول: هذا باطلٌ وإن كان سندُهُ صحيحًا؛ لأنّ صحة السند لا تستلزم صحة المتن!! وجهل المشار إليه أن الذي يُعلُّ الحديث بهذا النوع من الإعلال لا بد أن يكون ناقدًا بصيرًا، أمضى عمره في هذا الفن بحيث اختلط بشحمه ولحمه، فتصير له ملكةٌ فيه، هذا مع الورع والخوف من الله، أمّا المذكور فقد علمنا أنه متخلفُ النظر في هذا العلم، فاقدٌ لأسباب الفلاح فيه، وقد بينتُ شيئًا يسيرًا من بضاعته في العلم في "طليعة =

الصفحة 42