كتاب بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
= يروه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلَّا ابن عباس وحدهُ، ولا عن ابن عباس إلّا طاووس وحده.
قالوا: فأين أكابرُ الصحابة وحفاظُهم عن رواية مثل هذا الأمر العظيم، الذي الحاجةُ إليه شديدةٌ جدًّا؟ فكيف خفى هذا على جميع الصحابة وعرفه ابنُ عباسٍ وحده؟ وخفى على أصحاب ابن عباس كلهم، وعلمه طاورس وحده؟!! وهذا أفسدُ من جميع ما تقدّم، ولا ترد أحاديثُ الصحابة وأحاديثُ الأئمة الثقات بمثل هذا. فكم من حديثٍ تفرد به واحدٌ من الصحابة، لم يروه غيرُهُ، وقبلته الأمة كلهم، فلم يردَّهُ أحدٌ منهم، وكم من حديث تفرَّد به من هو دون طاووس بكثير، ولم يرده أحد من الأئمة. ولا نعلمُ أحدًا من أهل العلم قديمًا وحديثًا قال: إن الحديث إذا لم يروه إلا صحابيٌّ واحدٌ لم يُقبل، وإنما يحكى عن أهل البدع ومن تبعهم في ذلك أقوالٌ، ولا يُعرف لها قائل من الفقهاء ... ثُمَّ قال: ثُمَّ إن هذا القول لا يمكنُ أحدًا من أهل العلم ولا من الأئمة ولا من أتباعهم طرده، ولو طردوه لبطل كثيرٌ من أقوالهم وفتاويهم. والعجبُ أن الرادِّيْن لهذا الحديث بمثل هذا الكلام قد بنوا كثيرًا من مذاهبهم على أحاديث ضعيفة، انفرد بها رواتُها، لا تعرف عن سواهم، وذلك أشهر وأكثر من أن تُعدَّ"اهـ.
• قلت: فظهر من التحقيق أن حديث القلتين لم يُعلّ بعلة حقيقية، هذا من جهة ثبوته أما من جهة الاستدلال به فعليه اعتراضات كثيرة والجواب عنها ممكنٌ وقد أودعت ذلك في جزء لي حول هذا الحديث اسمه "درء العبث عن حديث إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" ولعلى أنشره قريبًا إن شاء الله.

الصفحة 45