كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 2)

بِأَرْبَعِ خَرَانِيبَ وَالْخُرْنُوبَةُ مُقَدَّرَةٌ بِأَرْبَعِ قَمْحَاتِ وَسَطٍ اهـ.
وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الْغَطَارِفَةِ إذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا الْيَوْمَ مِنْ دَرَاهِمِ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ دَرَاهِمِ النَّاسِ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ زَمَانٍ عَادَةُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ أَلَا تَرَى أَنَّ مِقْدَارَ الْمِائَتَيْنِ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ مِنْ الْفِضَّةِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ مِقْدَارُ الْمِائَتَيْنِ فِي الزَّكَاةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ بِوَزْنِ خَمْسَةٍ، وَفِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِوَزْنِ سِتَّةٍ فَيُعْتَبَرُ دَرَاهِمُ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ، وَدَنَانِيرُ كُلِّ بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ، وَإِنْ كَانَ الْوَزْنُ يَتَفَاوَتُ اهـ.
وَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَنْ ابْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ كَانَ يُوجِبُ فِي كُلَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بُخَارِيَّةٍ خَمْسَةً مِنْهَا، وَبِهِ أَخَذَ السَّرَخْسِيُّ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُجْتَبَى وَجَمْعِ النَّوَازِلِ وَالْعُيُونِ وَالْمِعْرَاجِ وَالْخَانِيَّةِ وَذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ إلَّا أَنِّي أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُمْ دَرَاهِمُ لَا تَنْقُصُ عَنْ أَقَلِّ مَا كَانَ وَزْنًا فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهِيَ مَا تَكُونُ الْعَشَرَةُ وَزْنَ خَمْسَةٍ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مَا قُدِّرَ النِّصَابُ بِمِائَتَيْنِ مِنْهَا حَتَّى لَا تَجِبَ فِي الْمِائَتَيْنِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَسْعُودِيَّةِ الْكَائِنَةِ بِمَكَّةَ مَثَلًا، وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ قَوْمٍ وَكَأَنَّهُ أَعْمَلَ إطْلَاقَ الدَّرَاهِمِ وَالْأَوَاقِي فِي الْمَوْجُودِ، وَمَا يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ وَيُسْتَحْدَثَ
(قَوْلُهُ: وَغَالِبُ الْوَرِقِ وَرِقٌ لَا عَكْسُهُ) يَعْنِي أَنَّ الدَّرَاهِمَ إذَا كَانَتْ مَغْشُوشَةً، فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْفِضَّةَ فَهِيَ كَالدَّرَاهِمِ الْخَالِصَةِ؛ لِأَنَّ الْغِشَّ فِيهَا مُسْتَهْلَكٌ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الزُّيُوفِ وَالنَّبَهْرَجَةِ وَمَا غَلَبَ فِضَّتُهُ عَلَى غِشِّهِ تَنَاوَلَهُ اسْمُ الدَّرَاهِمِ مُطْلَقًا وَالشَّرْعُ أَوْجَبَ بِاسْمِ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ غَلَبَ الْغِشُّ فَلَيْسَ كَالْفِضَّةِ كَالسَّتُّوقَةِ فَيُنْظَرُ إنْ كَانَتْ رَائِجَةً أَوْ نَوَى التِّجَارَةَ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا فَإِنْ بَلَغَتْ نِصَابًا مِنْ أَدْنَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَهِيَ الَّتِي غَلَبَتْ فِضَّتُهَا وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَثْمَانًا رَائِجَةً، وَلَا مَنْوِيَّةً لِلتِّجَارَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا فِيهَا مِنْ الْفِضَّةِ يَبْلُغُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِأَنْ كَانَتْ كَثِيرَةً وَيَتَخَلَّصُ مِنْ الْغِشِّ؛ لِأَنَّ الصُّفْرَ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا إلَّا بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ، وَالْفِضَّةُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ مَا فِيهَا لَا يَتَخَلَّصُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ فِيهِ قَدْ هَلَكَتْ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ الظَّاهِرُ أَنَّ خُلُوصَ الْفِضَّةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْمُعْتَبَرُ أَنْ تَكُونَ فِي الدَّرَاهِمِ فِضَّةٌ بِقَدْرِ النِّصَابِ فَأَمَّا الْغَطَارِفَةُ فَقِيلَ يَجِبُ فِي كُلِّ مِائَتَيْنِ مِنْهَا خَمْسَةٌ مِنْهَا عَدَدًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَعَزِّ الْأَثْمَانِ وَالنُّقُودِ عِنْدَهُمْ
وَقَالَ السَّلَفُ: يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ أَثْمَانًا رَائِجَةً أَوْ سِلَعًا لِلتِّجَارَةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي قِيمَتِهَا كَالْفُلُوسِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ مَا فِيهَا مِنْ الْفِضَّةِ مُسْتَهْلَكٌ لِغَلَبَةِ النُّحَاسِ عَلَيْهَا فَكَانَتْ كَالسَّتُّوقَةِ، وَفِي الْبَدَائِعِ وَقَوْلُ السَّلَفِ أَصَحُّ وَحُكْمُ الذَّهَبِ الْمَغْشُوشِ كَالْفِضَّةِ الْمَغْشُوشَةِ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالْغَالِبِ لِأَنَّ الْغِشَّ وَالْفِضَّةَ لَوْ اسْتَوَيَا فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَاخْتَارَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ الْوُجُوبَ احْتِيَاطًا، وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَكَذَا لَاتُبَاعُ إلَّا وَزْنًا، وَفِي الْمُجْتَبَى الْمَفْهُومُ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ أَنَّ لِلْمُسَاوِي حُكْمَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمِمَّا ذُكِرَ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَيَّدْنَا الْمُخَالِطَ لِلْوَرِقِ بِأَنْ يَكُونَ غِشًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَهَبًا فَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ مَغْلُوبَةً فَكُلُّهُ ذَهَبٌ؛ لِأَنَّهُ أَعَزُّ وَأَغْلَى قِيمَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ غَالِبَةً فَإِنْ بَلَغَ الذَّهَبُ نِصَابُهُ فَفِيهِ زَكَاةُ الذَّهَبِ، وَإِنْ بَلَغَتْ الْفِضَّةُ نِصَابَهَا فَزَكَاةُ الْفِضَّةِ، وَفِي الْمُغْرِبِ الْغِطْرِيفِيَّةُ كَانَتْ مِنْ أَعَزِّ النُّقُودِ بِبُخَارَى مَنْسُوبَةً إلَى غِطْرِيفِ بْنِ عَطَاءٍ الْكِنْدِيِّ أَمِيرِ خُرَاسَانَ أَيَّامَ الرَّشِيدِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي عُرُوضِ تِجَارَةٍ بَلَغَتْ نِصَابَ وَرِقٍ أَوْ ذَهَبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَيْ يَجِبُ رُبْعُ الْعُشْرِ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ إذَا بَلَغَتْ نِصَابًا مِنْ أَحَدِهِمَا، وَهِيَ جَمْعُ عَرْضٍ لَكِنَّهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ حُطَامُ الدُّنْيَا كَمَا فِي الْمُغْرِبِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ النَّقْدَانِ وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ جَمْعُ عَرْضٍ بِسُكُونِهَا، وَهُوَ كَمَا فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ مَا لَيْسَ بِنَقْدٍ، وَفِي الصِّحَاحِ الْعَرْضُ بِسُكُونِ الرَّاءِ الْمَتَاعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ وَأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا يَجِبُ ضَمُّ إحْدَى الزِّيَادَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى لَيُتِمَّ أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ عِنْدَهُ فِي الْكُسُورِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْمَيْلُ إلَيْهِ، وَفِي السِّرَاجِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ، وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشْرَ قِيرَاطًا عَلَيْهِ الْجَمُّ الْغَفِيرُ، وَالْجُمْهُورُ الْكَثِيرُ، وَإِطْبَاقُ كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدْنَا الْمُخَالِطَ لِلْوَرِقِ إلَخْ) فِي الْبَدَائِعِ وَكَذَا حُكْمُ الدَّنَانِيرِ الَّتِي الْغَالِبُ عَلَيْهَا الذَّهَبُ وَالصُّورِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا فَحُكْمُهَا وَحُكْمُ الذَّهَبِ الْخَالِصِ سَوَاءٌ وَأَمَّا الْهَرَوِيَّةُ وَالْمَرْوِيَّةُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ الْغَالِبُ فِيهَا الذَّهَبَ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا إنْ كَانَتْ ثَمَنًا رَائِجًا أَوْ لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ مَا فِيهَا مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَزْنًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَخْلُصُ بِالْإِذَابَةِ اهـ. فَتَأَمَّلْهُ. مَعَ مَا هُنَا وَأَنَّهُ يُفِيدُ تَقْيِيدَ مَا هُنَا بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ ثَمَنًا رَائِجًا، وَلَا لِلتِّجَارَةِ

الصفحة 245