كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 2)

نَعَمْ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ قَالَ بِالْأُولَى أَمْ بِالْأَخِيرَةِ قَالُوا لَا بَلْ بِالْأُولَى قَالَ الْحَاكِمُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ الْقَضَاءُ مَعَ الْكَفَّارَةِ إذَا ابْتَلَعَهَا كَمَا هِيَ اهـ.
وَتَقَدَّمَ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَذَكَرَ قَبْلَهَا، وَإِذَا ابْتَلَعَ حَبَّةَ الْعِنَبِ إنْ مَضَغَهَا قَضَى وَكَفَّرَ، وَإِنْ ابْتَلَعَهَا كَمَا هِيَ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ثُفْرُوقُهَا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا ثُفْرُوقُهَا قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مَعَ الْكَفَّارَةِ، وَقَالَ أَبُو سُهَيْلٍ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ مَعَ ذَلِكَ عَادَةً وَأَرَادَ بِالثُّفْرُوقِ هَا هُنَا مَا يَلْتَزِقُ بِالْعُنْقُودِ مِنْ حَبِّ الْعِنَبِ وَثُقْبَتُهُ مَسْدُودَةٌ بِهِ، وَإِنْ ابْتَلَعَ تُفَّاحَةً رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ ثُمَّ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، وَهُوَ قَدْرُ الْحِمَّصَةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَكَلَ بَعْضَ لُقْمَةٍ وَبَقِيَ الْبَعْضُ بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَشَرَعَ فِيهَا وَابْتَلَعَ الْبَاقِيَ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ مَا لَمْ تَبْلُغْ مِلْءَ الْفَمِ وَقَدْرَ الْحِمَّصَةِ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ أَوْ قَاءَ وَعَادَ لَمْ يُفْطِرْ) لِحَدِيثِ السُّنَنِ «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ» وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعَوْدَ لِيُفِيدَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْقَيْءِ بِلَا عَوْدٍ لَا يُفْطِرُ بِالْأَوْلَى وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا مَلَأ الْفَمَ أَوْ لَا، وَفِيمَا إذَا عَادَ وَمَلَأَ الْفَمَ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لِعَدَمِ وُجُودِ الصُّنْعِ وَلِعَدَمِ وُجُودِ صُورَةِ الْفِطْرِ، وَهُوَ الِابْتِلَاعُ، وَكَذَا مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَغَذَّى بِهِ بَلْ النَّفْسُ تَعَافُهُ.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ أَعَادَهُ أَوْ اسْتَقَاءَ أَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةً أَوْ حَدِيدًا قَضَى فَقَطْ) أَيْ أَعَادَ الْقَيْءَ أَوْ قَاءَ عَامِدًا وَابْتَلَعَ مَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ، وَلَا يُتَدَاوَى بِهِ عَادَةً فَسَدَ صَوْمُهُ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَأَطْلَقَ فِي الْإِعَادَةِ فَشَمِلَ مَا إذَا لَمْ يَمْلَأْ الْفَمَ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لِوُجُودِ الصُّنْعِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَفْسُدُ لِعَدَمِ الْخُرُوجِ شَرْعًا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمِلْءِ الْفَمِ وَأَطْلَقَ فِي الِاسْتِقَاءِ فَشَمِلَ مَا إذَا لَمْ يَمْلَأْ الْفَمَ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَلَا يُفْطِرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لَكِنْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي كَافِيهِ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ: وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الِاسْتِقَاءَ بِالْعَمْدِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لِمَا قَدَّمَهُ أَنَّ النِّسْيَانَ لَا يُفْطِرُ
وَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ ذِكْرَ الْعَمْدِ مَعَ الِاسْتِقَاءِ تَأْكِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الْعَمْدِ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ يُخْرِجُ النِّسْيَانَ إنْ مُتَعَمِّدًا لِفِطْرِهِ لَا مُتَعَمِّدًا لِلْقَيْءِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ الْمَسَائِلِ اثْنَا عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَوْ اسْتَقَاءَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَمْلَأَ الْفَمَ أَوْ لَا وَكُلٌّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَمَّا إنْ عَادَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَعَادَهُ أَوْ خَرَجَ، وَلَمْ يُعِدْهُ، وَلَا عَادَ بِنَفْسِهِ، وَأَنَّ صَوْمَهُ لَا يَفْسُدُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْجَمِيعِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فِي الْإِعَادَةِ بِشَرْطِ مِلْءِ الْفَمِ، وَفِي الِاسْتِقَاءِ بِشَرْطِ مِلْءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَعَهَا تَفْرُوقُهَا إلَخْ) قَالَ فِي السِّرَاجِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ وَصَلَ تَفْرُوقُهَا إلَى الْجَوْفِ أَوَّلًا أَنْ لَا تَجِبَ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ وَصَلَ اللُّبُّ أَوَّلًا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ بِالتُّفْرُوقِ هَا هُنَا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْقَامُوسِ: التُّفْرُوقُ بِالضَّمِّ قِمْعُ الثَّمَرَةِ أَوْ مَا يَلْتَزِقُ بِهِ قِمْعُهَا جَمْعُهُ تَفَارِيقُ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْخُرُوجِ شَرْعًا) ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ مِلْءِ الْفَمِ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِخِلَافِ مَا كَانَ مِلْءَ الْفَمِ فَإِنَّ لَهُ حُكْمَ الْخَارِجِ، وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَحَدُهُمَا إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ وَعَادَ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ قَدْرَ الْحِمَّصَةِ لَمْ يُفْطِرْ إجْمَاعًا أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا صُنْعَ لَهُ فِي الْإِدْخَالِ، وَالثَّانِيَةُ إنْ كَانَ مَلْءَ الْفَمِ وَأَعَادَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ قَدْرَ الْحِمَّصَةِ فَصَاعِدًا أَفْطَرَ إجْمَاعًا أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلِأَنَّهُ مِلْءُ الْفَمِ فَكَانَ خَارِجًا، وَمَا كَانَ خَارِجًا إذَا أَدْخَلَهُ جَوْفَهُ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: قَدْ وُجِدَ مِنْهُ الصُّنْعُ، وَالثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ وَأَعَادَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَفْطَرَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِمَا مَرَّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُفْطِرُ لِمَا مَرَّ
وَالرَّابِعَةُ إذَا كَانَ مِلْءَ الْفَمِ وَعَادَ بِنَفْسِهِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ مِقْدَارَ الْحِمَّصَةِ فَصَاعِدًا أَفْطَرَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: لَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ صُورَةُ الْفِطْرِ، وَهُوَ الِابْتِلَاعُ بِصُنْعِهِ، وَلَا مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَغَذَّى بِهِ، وَلِأَنَّهُ كَمَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ خُرُوجِهِ فَكَذَا عَنْ عَوْدِهِ فَجُعِلَ عَفْوًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الِاسْتِقَاءَ بِالْعَمْدِ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو) سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَالصَّوَابُ وُجُودُهُ (قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ الْمَسَائِلِ اثْنَا عَشْرَ إلَخْ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَتَفَرَّعُ إلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ قَاءَ أَوْ اسْتِقَاءَ وَكُلٌّ إمَّا أَنْ يَمْلَأَ الْفَمَ أَوْ دُونَهُ وَكُلٌّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ خَرَجَ أَوْ عَادَ وَكُلٌّ إمَّا ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ أَوْ لَا، وَلَا فِي فِطْرٍ فِي الْكُلِّ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا فِي الْإِعَادَةِ وَالِاسْتِقَاءِ بِشَرْطِ الْمِلْءِ مَعَ التَّذَكُّرِ لَكِنْ صَحَّحَ الْقُهُسْتَانِيُّ عَدَمَ الْفِطْرِ بِإِعَادَةِ الْقَلِيلِ وَعَوْدِ الْكَثِيرِ فَتَنَبَّهْ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْبَلْغَمِ أَمَّا هُوَ فَغَيْرُ مُفْسِدٍ مُطْلَقًا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فِي الصَّاعِدِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْكَمَالُ وَغَيْرُهُ
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ فِي الْإِعَادَةِ بِشَرْطِ مِلْءِ الْفَمِ، وَفِي الِاسْتِقَاءِ بِشَرْطِ مِلْءِ الْفَمِ) هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا سَقَطَ قَوْلُهُ: وَفِي الِاسْتِقَاءِ وَكَانَ يُغْنِيهِ عَلَى الْأُولَى أَنْ يَقُولَ فِي الْإِعَادَةِ أَوْ الِاسْتِقَاءِ بِشَرْطِ مِلْءِ الْفَمِ فِيهِمَا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُخْتَارِ لَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَقَوْلُهُ: وَأَنَّ وُضُوءَهُ يُنْتَقَضُ إلَّا فِيمَا إذَا لَمْ يَمْلَأْ الْفَمَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَنَّ صَوْمَهُ لَا يَفْسُدُ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الصَّوَابُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي أَنَّ وُضُوءَهُ يُنْتَقَضُ فِيمَا إذَا لَمْ يَمْلَأْ الْفَمَ بِزِيَادَةِ فِي وَإِسْقَاطِ

الصفحة 295