كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 2)

وَلَا تَجِبُ بِأَكْلِ الشَّعِيرِ إلَّا إذَا كَانَ مَقْلِيًّا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَتَجِبُ بِالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ، وَكَذَا بِغَيْرِهِ عَلَى مَنْ يَعْتَادُ أَكْلَهُ كَالْمُسَمَّى بِالطِّفْلِ لَا عَلَى مَنْ لَا يَعْتَادُهُ، وَلَا بِأَكْلِ الدَّمِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ أَكَلَ وَرَقَ الشَّجَرِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ كَوَرَقِ الْكَرْمِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ كَوَرَقِ الْكَرْمِ إذَا عَظُمَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ أَكَلَ قُشُورَ الرُّمَّانِ بِشَحْمَتِهَا أَوْ ابْتَلَعَ رُمَّانَةً فَلَا كَفَّارَةَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَكَلَ مَعَ الْقِشْرِ، وَلَوْ أَكَلَ قِشْرَ الْبِطِّيخِ إنْ كَانَ يَابِسًا وَكَانَ بِحَالٍ يُتَقَذَّرُ مِنْهُ فَلَا كَفَّارَةَ، وَإِنْ كَانَ طَرِيًّا لَا يُتَقَذَّرُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ
وَإِنْ أَكَلَ كَافُورًا أَوْ مِسْكًا أَوْ زَعْفَرَانًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِذَا أَكَلَ لُقْمَةً كَانَتْ فِي فِيهِ وَقْتَ السَّحَرِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ لَا رِوَايَةَ لَهَا فِي الْأُصُولِ قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ: إنْ كَانَتْ لُقْمَةَ غَيْرِهِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ لُقْمَتَهُ فَابْتَلَعَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ فَمِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا إنْ بَرَدَتْ فَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُسْتَقْذَرَةً، وَإِنْ لَمْ تَبْرُدْ وَجَبَتْ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْرُجُ لِأَجْلِ الْحَرَارَةِ ثُمَّ تَدْخُلُ ثَانِيًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ جَامَعَ أَوْ جُومِعَ أَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ عَمْدًا غِذَاءً أَوْ دَوَاءً قَضَى وَكَفَّرَ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ) أَمَّا الْقَضَاءُ فَلِاسْتِدْرَاكِ الْمَصْلَحَةِ الْفَائِتَةِ، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلِتَكَامُلِ الْجِنَايَةِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا لَمْ يُنْزِلُ؛ لِأَنَّ الْإِنْزَالَ شِبَعٌ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ يَتَحَقَّقُ دُونَهُ، وَقَدْ وَجَبَ الْحَدُّ بِدُونِهِ، وَهُوَ عُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ فَمَا فِيهِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ أَوْلَى، وَشَمِلَ الْجِمَاعَ فِي الدُّبُرِ كَالْقُبُلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ لِتَكَامُلِ الْجِنَايَةِ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ، وَإِنَّمَا ادَّعَى أَبُو حَنِيفَةَ النُّقْصَانَ فِي مَعْنَى الزِّنَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ فَسَادِ الْفِرَاشِ بِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِهِ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: أَوْ جُومِعَ لِيُفِيدَ بَعْدَ التَّنْصِيصِ عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ الطَّائِعِ امْرَأَةً أَوْ رَجُلًا إلَى أَنَّ الْمَحَلَّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُشْتَهًى عَلَى الْكَمَالِ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لَوْ جَامَعَ بَهِيمَةً أَوْ مَيْتَةً وَلَوْ أَنْزَلَ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى فَظَاهِرُ مَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِوَطْئِهَا
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَدَمُ الْوُجُوبِ مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي الْغُسْلِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِوَطْئِهَا إلَّا بِالْإِنْزَالِ كَالْبَهِيمَةِ، وَجَعَلُوا الْمَحَلَّ لَيْسَ مُشْتَهًى عَلَى الْكَمَالِ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا، وَفِي الْقُنْيَةِ فَأَمَّا إتْيَانُ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَقُيِّدَ بِالْعَمْدِ لِإِخْرَاجِ الْمُخْطِئِ وَالْمُكْرَهِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ فَسَدَ صَوْمُهُمَا لَا تَلْزَمُهُمَا الْكَفَّارَةُ، وَلَوْ حَصَلَتْ الطَّوَاعِيَةُ فِي وَسَطِ الْجِمَاعِ بَعْدَمَا كَانَ ابْتِدَاؤُهُ بِالْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا حَصَلَتْ بَعْدَ الْإِفْطَارِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: إلَّا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ مِنْهَا فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا، وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: الْمَرْأَةُ إذَا أَكْرَهَتْ زَوْجَهَا فِي رَمَضَانَ عَلَى الْجِمَاعِ فَجَامَعَهَا مُكْرَهًا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُصُولِهِ إلَى الْمَسْلَكِ الْمُعْتَادِ؛ إذْ لَوْ وَصَلَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا كَفَّارَةَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَأَشَارَ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ كَأَكْلِهِ عَمْدًا بَعْدَ أَكْلِهِ نَاسِيًا مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ إلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ إلَّا بِإِفْسَادِ صَوْمٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ الْمَحَلَّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَشَارَ قَالَ فِي النَّهْرِ، وَفِي الْإِشَارَةِ بَعْدَ ظَاهِرٍ اهـ وَأَجَابَ عَنْهُ الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُطْلَقٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ عَلَى التَّنْصِيصِ عَلَى الْوُجُوبِ إلَخْ اهـ.
وَكَانَ مُرَادُهُ أَنَّ تَقْيِيدَ الْمَفْعُولِ بِهِ الطَّائِعَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ، وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَمْدًا مُخْرِجٌ لِلْمُكْرَهِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَا مُرَادُهُ
وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْجِمَاعَ إدْخَالُ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ كَمَا فِي السِّرَاجِ، وَالصَّغِيرَةُ غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ افْتِضَاضُهَا لَا يُمْكِنُ جِمَاعُهَا إذْ لَا إدْخَالَ بِدُونِ افْتِضَاضٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لَوْ جَامَعَ بَهِيمَةً أَوْ مَيْتَةً إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: اقْتِصَارُهُ عَلَى نَفْيِ الْكَفَّارَةِ يُوهِمُ وُجُوبَ الْقَضَاءِ وَلَوْ لَمْ يُنْزِلْ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا أَنَّ جِمَاعَ الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ بِلَا إنْزَالٍ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلصَّوْمِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ بَلْ، وَلَا نَقْضَ الْوُضُوءِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَلِابْنِ مَلَكٍ وَتَوْفِيقِ الْعِنَايَةِ شَرْحِ الْوِقَايَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: الْوَجْهُ يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيهَا، وَحَكَى الْإِجْمَاعَ فِيهِ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقِيلَ لَا تَجِبُ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ الْوَجْهُ وَعَلَّلَ لَهُ بِمَا هُنَا، وَقَالُوا فِي الْغُسْلِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ إفْضَاءٍ فَهِيَ مِمَّنْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا، وَإِلَّا فَلَا بَقِيَ لَوْ وَطِئَ الصَّغِيرُ امْرَأَتَهُ هَلْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لَمْ أَرَهُمْ صَرَّحُوا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ فِي الْغُسْلِ أَنَّهَا تَجِبُ، وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُتُونِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: غُلَامٌ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ جَامَعَ امْرَأَتَهُ الْبَالِغَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِوُجُودِ السَّبَبِ، وَهُوَ مُوَارَاةُ الْحَشَفَةِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ، وَلَا غُسْلَ عَلَى الْغُلَامِ لِانْعِدَامِ الْخِطَابِ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ بَالِغًا، وَالْمَرْأَةُ صَغِيرَةً فَالْجَوَابُ عَلَى الْعَكْسِ، وَجِمَاعُ الْخَصِيِّ يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ لِمُوَارَاةِ الْحَشَفَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ إلَى قَوْلِهِ وَأَشَارَ) يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ)

الصفحة 297