كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 2)

فِي آخِرِهِ بِمَرَّةٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ أَعْطَى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ عَنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ لِمَسَاكِينَ يَجُوزُ قَالَ الْحَسَنُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَإِنْ أَعْطَى مِسْكِينًا صَاعًا عَنْ يَوْمَيْنِ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُجْزِئُهُ كَالْإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ اسْتِشْهَادًا لِكَوْنِ الْبَدَلِ لَا بَدَلَ لَهُ وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ إذَا كَانَ جَمِيعُ رَأْسِهِ مَجْرُوحًا فَرَبَطَ الْجَبِيرَةَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ بَدَلٌ عَنْ الْغُسْلِ وَالْبَدَلُ لَا بَدَلَ لَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ هُنَا أَصْلٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ لَا بَدَلٌ عَنْ غَيْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلِلْمُتَطَوِّعِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي رِوَايَةٍ وَيَقْضِي) أَيْ لَهُ الْفِطْرُ بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِهِ وَإِذَا أَفْطَرَ قَضَى إنْ كَانَ نَفْلًا قَصْدِيًّا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفِطْرُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ وَلِهَذَا اخْتَارَهَا الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَالَ إنَّ الدَّلَالَةَ تَضَافَرَتْ عَلَيْهَا وَهِيَ أَوْجَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَلْ الضِّيَافَةُ عُذْرٌ أَوْ لَا قِيلَ نَعَمْ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ عُذْرٌ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا بَعْدَهُ إلَّا إذَا كَانَ فِي عَدَمِ الْفِطْرِ بَعْدَهُ عُقُوقٌ لِأَحَدِ الْوَالِدَيْنِ لَا غَيْرِهِمَا حَتَّى لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيُفْطِرَنَّ لَا يُفْطِرُ وَقِيلَ إنْ كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ لَا يُبَاحُ الْفِطْرُ وَإِنْ كَانَ يَتَأَذَّى بِذَلِكَ يُفْطِرُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَمْ يُصَحِّحْ شَيْئًا كَمَا تَرَى وَفِي الْكَافِي وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا عُذْرٌ وَصَحَّحَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ أَحْكَامِ الْخَلْوَةِ أَنَّ الضِّيَافَةَ عُذْرٌ وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ قَالُوا وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ مِمَّنْ يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ وَلَا يَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ لَا يُفْطِرُ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ إنَّهُ إنْ كَانَ يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ الْقَضَاءَ يُفْطِرُ دَفْعًا لِلْأَذَى عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ لَا يَثِقُ لَا يُفْطِرُ وَإِنْ كَانَ فِي تَرْكِ الْإِفْطَارِ أَذَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. اهـ.
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ صَائِمًا عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ؛ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ رَمَضَانَ. اهـ.
وَلِهَذَا لَا يُفْطِرُ لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِالطَّلَاقِ لَيُفْطِرَنَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النِّهَايَةِ الْأَظْهَرُ أَنَّ الضِّيَافَةَ عُذْرٌ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إنْ لَمْ يُفْطِرْ إنْ نَفْلًا أَفْطَرَ وَإِنْ قَضَاءً لَا وَالِاعْتِمَادُ عَلَى أَنَّهُ يُفْطِرُ فِيهِمَا وَلَا يُحْنِثُهُ وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ الضِّيَافَةَ عُذْرٌ فِي التَّطَوُّعِ تَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّ الضَّيْفِ وَالْمُضِيفِ كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَأَطْلَقَ فِي قَضَاءِ التَّطَوُّعِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ فِطْرُهُ عَنْ قَصْدٍ أَوْ لَا بِأَنْ عَرَضَ الْحَيْضُ لِلصَّائِمَةِ الْمُتَطَوِّعَةِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَيَّدْنَا النَّفَلَ بِكَوْنِهِ قَصْدِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَعَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُتِمَّهُ فَإِنْ أَفْطَرَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ وَقَيَّدَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنْ لَا يَمْضِيَ عَلَيْهِ سَاعَةٌ مِنْ حِينِ ظَهَرَ بِأَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ مَضَى سَاعَةٌ ثُمَّ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَضَى عَلَيْهِ سَاعَةٌ صَارَ كَأَنَّهُ نَوَى فِي هَذِهِ السَّاعَةِ فَإِذَا كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ صَارَ شَارِعًا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إذَا نَوَى الصَّوْمَ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى لَا تَصِحَّ نِيَّتُهُ عَنْ الْقَضَاءِ يَصِيرُ صَائِمًا وَإِنْ أَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَمَا إذَا نَوَى التَّطَوُّعَ ابْتِدَاءً وَهَذِهِ تَرِدُ إشْكَالًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَظْنُونِ. اهـ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَا بَقِيَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَفِي الْبَدَائِعِ إذَا شَرَعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ أَيْسَرَ فِي خِلَالِهِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَيُكْرَهُ لِلْعَبْدِ أَوْ لِلْأَجِيرِ أَوْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِيهِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَهُ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَابْنَةُ الرَّجُلِ وَقَرَابَتُهُ تَتَطَوَّعُ بِدُونِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَوَّتُ حَقُّهُ. اهـ.
وَقَيَّدَ فِي الْمُحِيطِ والولوالجية كَرَاهَةَ صَوْمِ الْمَرْأَةِ بِأَنْ يَضُرَّ بِالزَّوْجِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَضُرُّهُ بِأَنْ كَانَ صَائِمًا أَوْ مَرِيضًا فَلَهَا أَنْ تَصُومَ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ صَارَ شَارِعًا) الْمُرَادُ بِهِ قَبْلَ الضَّحْوَةِ الْكُبْرَى وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ أَيْ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا قَطَعَهُ سِوَاهٌ قَطَعَهُ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ سَاعَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ

الصفحة 309