كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 4)

فَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا يَمِينُهُ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ فَلَا يَحْنَثُ بَعْدَهُ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَقَدْ بِعْت طَلَاقَهَا مِنْك بِدِرْهَمٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَقَالَتْ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ حِينَ عَلِمَتْ بِنِكَاحِ غَيْرِهَا قَبِلْت أَوْ قَالَتْ طَلَّقْتهَا أَوْ قَالَتْ اشْتَرَيْت طَلَاقَهَا طَلَقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ قَالَتْ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى قَبِلْت لَا يَصِحُّ قَبُولُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ قَبُولٌ قَبْلَ الْإِيجَابِ اهـ.
وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ لَوْ قَالَ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْت طَالِقٌ، وَأَنْتِ طَالِقٌ، وَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا طَلَقَتْ وَاحِدَةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَثَلَاثًا عِنْدَهُمَا، وَلَوْ قَالَ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْت طَالِقٌ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْت طَالِقٌ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا طَلَقَتْ ثَلَاثًا، وَكَذَلِكَ إنْ، وَإِذَا، وَمَتَى، وَكُلَّمَا، وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، وَطَالِقٌ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك ثُمَّ تَزَوَّجَهَا طَلَقَتْ ثَلَاثًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَ الطَّلَاقَ فَإِنَّ الْأُولَى تَقَعُ فَقَطْ اهـ.
ثُمَّ قَالَ لَوْ قَالَ إذَا تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِحْدَاهُمَا طَالِقٌ، وَالْخِيَارُ لَهُ، وَإِنْ نَوَى امْرَأَةً، وَحْدَهَا لَمْ يُدَيَّنْ فِي انْقِضَاءٍ، وَلَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً وَحْدَهَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْرَى بَعْدَهَا طَلَقَتْ. اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ مِنْ جِهَتِي أَوْ طَلَّقْتُك صَحَّ، وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ، وَتَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ مِنِّي فَتَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ طَلَقَتْ. اهـ. وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَلَوْ زَادَ قَوْلُهُ مِنْ جِهَتِي كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ وَأَلْفَاظُ الشَّرْطِ إنْ، وَإِذَا، وَإِذَا مَا، وَكُلُّ، وَكَلَّمَا، وَمَتَى، وَمَتَى مَا) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ إلْزَامُ الشَّيْءِ، وَالْتِزَامُهُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَالشَّرِيطَةِ، وَالْجَمْعُ شُرُوطٌ، وَفِي الْمَثَلِ الشَّرْطُ أَمْلَكُ عَلَيْك أَمْ لَك، وَبَزَغَ الْحَجَّامُ بِشَرْطٍ، وَيَشْرُطُ فِيهِمَا، وَالدُّونُ اللَّئِيمُ السَّافِلُ، وَالْجَمْعُ أَشْرَاطٌ، وَبِالتَّحْرِيكِ الْعَلَامَةُ وَالْجَمْعُ، وَكُلُّ مَسِيلٍ صَغِيرٍ يَجِيءُ مِنْ قَدْرِ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ، وَأَوَّلُ الشَّيْءِ، وَزَالَ الْمَالُ وَصِغَارُهَا، وَالْأَشْرَافُ أَشْرَاطٌ أَيْضًا ضِدٌّ اهـ.
وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ كَمَا فِي التَّلْوِيحِ تَعْلِيقُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ، وَيُزَادُ فِي أَنَّ فَقَطْ أَيْ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ ظَرْفِيَّةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي إذَا، وَمَتَى. اهـ. وَفِي الْمِعْرَاجِ الشُّرُوطُ شَرْعِيَّةٌ وَعَقْلِيَّةٌ وَعُرْفِيَّةٌ وَلُغَوِيَّةٌ فَالشَّرْعِيَّةُ كَالْوُضُوءِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَطَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَالْيَدَيْنِ فَيَتَوَقَّفُ وُجُودُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا وُجُودُ الصَّلَاةِ، وَالْعَقْلِيُّ كَالْحَيَاةِ مَعَ الْعِلْمِ فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْعِلْمِ الْحَيَاةُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَالْعُرْفِيَّةُ، وَيُقَالُ لَهَا الشَّرْطِيَّةُ الْعَادِيَّةُ كَالسُّلَّمِ مَعَ صُعُودِ السَّطْحِ فَيَلْزَمُ مِنْ الصُّعُودِ وُجُودُهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَاللُّغَوِيَّةُ مِثْلُ التَّعْلِيقَاتِ فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ قَالُوا، وَهُوَ حَقِيقَةُ السَّبَبِ، وَبِهَذَا قَالَ النَّحْوِيُّونَ فِي الشَّرْطِ، وَالْجَزَاءِ مَعَ السَّبَبِيَّةِ لِلْأَوَّلِ، وَالْمُسَبَّبِيَّة لِلثَّانِي، وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الْمَانِعِ وُجُودُهُ، وَمِنْ الشَّرْطِ عَدَمُهُ، وَمِنْ السَّبَبِ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ اهـ.
وَقَالَ قَبْلَهُ إنَّمَا قَالَ أَلْفَاظُ الشَّرْطِ دُونَ حُرُوفِهِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ عَامَّتَهَا اسْمٌ كَمَتَى، وَإِذَا اهـ.
وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْمُؤَلِّفِ الْحَصْرُ فِي الْأَلْفَاظِ السِّتَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لَوْ، وَلَوْلَا، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ لَوْ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ يُنَافِيه أَعْنِي التَّعْلِيقَ عَلَى مَا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ لِأَنَّهَا أَفَادَتْ تَحَقُّقَ عَدَمِهِ فَلَا يَحْصُلُ مَعْنَى الْيَمِينِ، وَلِعَدَمِ حُصُولِهِ لَمْ تُذْكَرْ لِمَا، وَإِنْ كَانَ لَوْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ كَمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ، وَيُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيُّ، وَلَا الْمَشْهُورُ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَتَعَلَّقُ، وَفِي الْحَاوِي فِي فُرُوعِنَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْ تَزَوَّجْتُك تَطْلُقُ إذَا تَزَوَّجَهَا، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا دُخُولُك أَوْ لَوْلَا أَبُوك أَوْ مَهْرُك لَا يَقَعُ، وَكَذَا فِي الْإِخْبَارِ بِأَنْ قَالَ طَلَّقْتُك أَمْسِ لَوْلَا كَذَا. اهـ. وَلَا مَحَلَّ لِلتَّرَدُّدِ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ لَوْ بِمَعْنَى الشَّرْطِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ، وَكَلِمَةُ لَوْ بِمَعْنَى الشَّرْطِ فَإِنَّهَا تُسْتَعْمَلُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ لِأَمْرٍ مُتَرَقَّبٍ مُنْتَظَرٍ فَصَارَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ مُتَرَقَّبُ الثُّبُوتِ، وَعَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَتَوَقَّفَ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْ حَسُنَ خُلُقُك سَوْفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَيُزَادُ فِي إنَّ فَقَطْ) أَيْ يُزَادُ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ لَفْظُ فَقَطْ فِي التَّعْلِيقِ بِأَنَّ إمَّا فِي غَيْرِهَا فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الْمَانِعِ وُجُودُهُ) لِأَنَّهُ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمَنْعِ وُجُودُهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ، وَالشَّرْطُ بِالْعَكْسِ فَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ فَالْمُعْتَبَرُ عَدَمُهُ، وَأَمَّا السَّبَبُ فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ، وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لَكِنْ هَذَا فِي الْمُسَاوِي، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ لَهُ أَسْبَابٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ أَحَدِهَا عَدَمٌ تَأَمَّلْ

الصفحة 11