كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 4)

فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَخَرَجَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَمْ يَحْنَثْ، وَبَطَلَتْ الْيَمِينُ بِالْبَيْنُونَةِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا ثُمَّ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَحْنَثْ لَا يُقَالُ إنَّ الْبُطْلَانَ لِتَقْيِيدِهِ بِامْرَأَتِهِ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ امْرَأَتُهُ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ كَانَ لِإِضَافَتِهَا إلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَخَرَجَتْ، وَفِيمَا لَوْ قَالَ إنْ قَبَّلْتُ امْرَأَتِي فُلَانَةَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَقَبَّلَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مَعَ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِيهِمَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلتَّقْيِيدِ قُلْت الْيَمِينُ مُقَيَّدَةٌ بِحَالِ وِلَايَةِ الْإِذْنِ، وَالْمَنْعُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ، وَذَلِكَ حَالَ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ فَسَقَطَ الْيَمِينُ بِزَوَالِ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ فَقَضَى دَيْنَهُ ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةٌ لِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مِمَّا يُبْطِلُ التَّعْلِيقَ ارْتِدَادُ الزَّوْجِ، وَلَحَاقُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ بَعْدَ لَحَاقِهِ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَطْلُقُ حَتَّى لَوْ جَاءَ ثَانِيًا مُسْلِمًا فَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لَا يَنْقُصُ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ شَيْءٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ، وَالْبُطْلَانُ عِنْدَهُ لِخُرُوجِ الْمُعَلَّقِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ لَا لِزَوَالِ الْمِلْكِ.
فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ، وَزَوَالُ الْمِلْكِ بِغَيْرِ ارْتِدَادٍ، وَثَلَاثٌ لَا يُبْطِلُهَا لَكَانَ أَوْلَى بِالْيَمِينِ لِأَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالْيَدِ يُبْطِلُهُ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ لَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَفِي بَقَاءِ الْأَمْرِ بِهَا رِوَايَتَانِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى. قَالَ لَهَا إنْ غِبْت عَنْك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَمْرُك بِيَدِك ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ، وَغَابَ عَنْهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا. اهـ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَوَّلَ تَنْجِيزٌ لِلتَّخْيِيرِ فَيَبْطُلُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ، وَالثَّانِي تَعْلِيقُ التَّخْيِيرِ فَكَانَ يَمِينًا فَلَا يَبْطُلُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ فِي الْمِلْكِ طَلَقَتْ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ) لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ، وَالْمَحَلُّ قَابِلٌ لِلْجَزَاءِ فَيُنَزَّلُ، وَلَمْ تَبْقَ الْيَمِينُ لِأَنَّ بَقَاءَهَا بِبَقَاءِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، وَلَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَفِي الْقُنْيَةِ قَالَ لَهَا إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَوَقَعَ فِيهَا غَرَقٌ أَوْ حَرْقٌ غَالِبٌ فَخَرَجَتْ لَا يَحْنَثُ اهـ.
مَعَ كَوْنِ الشَّرْطِ قَدْ وُجِدَ، وَلَكِنَّ الشَّرْطَ الْخُرُوجُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِغَيْرِ الْغَرَقِ وَالْحَرَقِ، وَفِيهَا قُبَيْلَ النَّفَقَةِ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا فَدَخَلَتْ وَقَعَ ثِنْتَانِ، وَفِي جَامِعِ الْكَرْخِيِّ طَلَقَتْ ثِنْتَيْنِ، وَمَلَكَ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ. لَهُ امْرَأَةٌ جُنُبٌ وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ فَقَالَ أَخْبَثُكُنَّ طَالِقٌ طَلَقَتْ النُّفَسَاءُ، وَفِي أَفْحَشُكُنَّ عَلَى الْحَائِضِ لِأَنَّهُ نَصٌّ اهـ.
أَطْلَقَ الْمِلْكَ فَشَمِلَ مَا إذَا وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ بَابِ التَّفْوِيضِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنْ يُوجَدَ جَمِيعُ الشَّرْطِ فِي الْمِلْكِ بَلْ الشَّرْطُ تَمَامُهُ فِيهِ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهَا إذَا حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ الْأُولَى فِي غَيْرِ مِلْكٍ، وَالثَّانِيَةَ فِي مِلْكٍ طَلَقَتْ، وَكَذَلِكَ إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ بِسَاعَةٍ أَوْ بَعْدَ مَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ، وَأَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَإِذَا اغْتَسَلَتْ أَوْ مَضَى عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ طَلَقَتْ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ تَمَّ، وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ.
وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ أُكِلَتْ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَكَلَتْ عَامَّةَ الرَّغِيفِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَأَكَلَتْ مَا بَقِيَ مِنْهُ طَلَقَتْ لِأَنَّ الشَّرْطَ تَمَّ فِي مِلْكِهِ، وَالْحِنْثُ بِهِ يَحْصُلُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَسَيُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمِلْكَ يُشْتَرَطُ لِآخِرِ الشَّرْطَيْنِ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِي الشَّرْطِ الْوَاحِدِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ فَعَلْت كَذَا، وَكَذَا لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ يُوجَدْ الْكُلُّ، وَإِنْ كَرَّرَ حَرْفَ الشَّرْطِ إنْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْت إنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ فَأَيُّ شَيْءٍ وُجِدَ مِنْهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَتَرْتَفِعُ الْيَمِينُ، وَإِنْ أَخَّرَ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ مَا لَمْ تُوجَدْ الْأُمُورُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إذَا وُجِدَ وَاحِدٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَيَرْتَفِعُ الْيَمِينُ. اهـ.
وَمِمَّا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ فَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ طَلَقَتْ مَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ الْأَيْمَانِ الَّتِي يُكَذِّبُ بَعْضُهَا بَعْضًا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ فَقَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ، وَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي، وَقَضَى بِهِ حَنِثَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالْبُطْلَانُ عِنْدَهُ لِخُرُوجِ الْمُعَلَّقِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِدَلِيلِ عِتْقِ مُدَبَّرِيهِ، وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ، وَيَلْزَمُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ أَنَّهُ لَوْ عَادَ ثَانِيًا بَعْدَ الْحُكْمِ بِلَحَاقِهِ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، وَوُجِدَ الشَّرْطُ أَنْ يَقَعَ، وَإِطْلَاقُهُمْ بُطْلَانَ التَّعْلِيقِ يَقْتَضِي عَدَمَهُ، وَأَيْضًا خُرُوجُ الْمُعَلَّقِ مِنْ الْأَهْلِيَّةِ لَا يُوجِبُ الْبُطْلَانَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ فَوُجِدَ الشَّرْطُ حَالَ جُنُونِهِ وَقَعَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِالْيَمِينِ لِأَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا كَلِمَةُ قَيَّدَ سَاقِطَةٌ مِنْ النَّاسِخِ، وَالْأَصْلُ قَيَّدَ بِالْيَمِينِ لِأَنَّ إلَخْ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَمْرُك بِيَدِك لَيْسَ بِيَمِينٍ بِدُونِ تَعْلِيقٍ، وَإِذَا كَانَ مُعَلَّقًا لَا يَزُولُ الْأَمْرُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْفَتْحِ الْمَذْكُورَةِ.

الصفحة 23