كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 4)

الْحَلِفِ، وَقَالَتْ أَصَبْتنِي بَعْدَ الْحَلِفِ فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّ الْحَالَ يَدُلُّ عَلَى مَا قَبْلَهُ.
وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَّا أَمَةً بِكْرًا أَوْ لَمْ أَشْتَرِهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ لَمْ أَطَأْهَا الْبَارِحَةَ أَوْ إلَّا خُرَاسَانِيَّةً ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَةٌ أَصْلِيَّةٌ إذْ الْأَصْلُ هِيَ الْبَكَارَةُ، وَعَدَمُ الْوِلَادَةِ، وَعَدَمُ الشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ، وَعَدَمُ الْوَطْءِ، وَكَذَا الْخُرَاسَانِيَّةُ لِأَنَّ الْخُرَاسَانِيَّةَ مَنْ يَكُونُ مَوْلِدُهَا بِخُرَاسَانَ فَكَانَتْ صِفَةً أَصْلِيَّةً مُقَارِنَةً لِحُدُوثِ الذَّاتِ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ أَمَةٍ لِي بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ أَوْ اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ لَمْ اشْتَرِهَا مِنْهُ أَوْ نَكَحْتهَا الْبَارِحَةَ أَوْ وَلَدَتْ مِنِّي أَوْ لَمْ تَلِدْ مِنِّي أَوْ خَبَّازَةٌ أَوْ غَيْرُ خَبَّازَةٍ فَهِيَ حُرَّةٌ ثُمَّ أَنْكَرَ هَذِهِ الْأَوْصَافَ فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْعِتْقَ بِوَصْفٍ خَاصٍّ ثُمَّ أَنْكَرَ وُجُودَ ذَلِكَ الْوَصْفِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. اهـ.
وَيَجْرِي هَذَا فِي الطَّلَاقِ أَيْضًا فَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا امْرَأَةً خَبَّازَةً أَوْ وَطِئْتهَا الْبَارِحَةَ، وَنَحْوُهُ، وَادَّعَى ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ إلَى آخَرِ الْمَسَائِلِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُتُونِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِعَدَمِ وُصُولِ نَفَقَتِهَا شَهْرًا ثُمَّ ادَّعَى الْوُصُولَ، وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَقَوْلُهَا فِي عَدَمِ وُصُولِ الْمَالِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْقُنْيَةِ فَقَالَ إنْ لَمْ تَصِلْ نَفَقَتِي إلَيْك عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَشَرَةِ فَادَّعَى الزَّوْجُ الْوُصُولَ، وَأَنْكَرَتْ هِيَ فَالْقَوْلُ لَهُ اهـ.
لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي فَصْلِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَدَّعِي إيفَاءَ حَقٍّ، وَهِيَ تُنْكِرُ كَمَا قُبِلَ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ وُصُولِ الْمَالِ، وَهُوَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْمُتُونِ، وَكَأَنَّهُ ثَبَتَ فِي ضِمْنِ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي عَدَمِ وُصُولِ الْمَالِ.
وَهَذَا التَّقْرِيرُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الشَّرْحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا بَرْهَنَتْ) أَيْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّهَا نَوَّرَتْ دَعْوَاهَا بِالْحُجَّةِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ عَدَمِيًّا فَإِنَّ بُرْهَانَهَا عَلَيْهِ مَقْبُولٌ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الشَّرْطُ يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِبَيِّنَةٍ، وَلَوْ كَانَ نَفْيًا كَمَا لَوْ قَالَ لِقِنِّهِ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ فَبَرْهَنَ الْقِنُّ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا يَعْتِقُ قِيلَ فَعَلَى هَذَا لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ ثُمَّ ضَرَبَهَا، وَقَالَ ضَرَبْتهَا بِجِنَايَةٍ وَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَتُهَا، وَإِنْ أَقَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِقِيَامِهَا عَلَى الشَّرْطِ حَلَفَ إنْ لَمْ تَجِئْ صِهْرَتِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَامْرَأَتِي كَذَا فَشَهِدَ أَنَّهُ حَلَفَ كَذَا، وَلَمْ تَجِئْ صِهْرَتُهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَطَلَقَتْ امْرَأَتُهُ تُقْبَلُ لِأَنَّهَا عَلَى النَّفْيِ صُورَةً، وَعَلَى إثْبَاتِ الطَّلَاقِ حَقِيقَةً، وَالْعِبْرَةُ لِلْمَقَاصِدِ لَا لِلصُّورَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْقُنْيَةِ) ذَكَرَ فِيهَا مِنْ بَابِ التَّفْوِيضِ مَا نَصُّهُ ع إنْ غِبْت عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَلَمْ تَصِلْ إلَيْك النَّفَقَةُ فَالْأَمْرُ بِيَدِك ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ مُضِيِّهَا فِي وُصُولِ النَّفَقَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمَرْأَةِ ص مِثْلُهُ م عَلَى الْعَكْسِ. اهـ.
وَالرَّمْزُ الْأَوَّلُ لِلْعُيُونِ وَالثَّانِي لِلْأَصْلِ وَالثَّالِثُ لِلْمُنْتَقَى (قَوْلُهُ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ جَزَمَ هَذَا الشَّارِحُ فِي فَتَاوَاهُ بِمَا يَقْتَضِيه كَلَامُ أَصْحَابِ الْمُتُونِ، وَالشُّرُوحِ لِأَنَّهَا الْكُتُبُ الْمَوْضُوعَةُ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ كَمَا لَا يَخْفَى كَذَا ذَكَرَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ، وَأَقُولُ: قَالَ فِي الْفَيْضِ لِلْكَرْكِيِّ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. اهـ.
وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمُتُونِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ دَعْوَى إيصَالِ مَالٍ فَتَأَمَّلْ، وَفِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَجَعَلَ الثَّالِثَ رَامِزًا لِلذَّخِيرَةِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ، وَأَقُولُ: هَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي، وَسَطٌ، وَالْحَاصِل أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامًا كَثِيرًا، وَقَدْ كَتَبْنَا أَيْضًا شَيْئًا عَلَى جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
وَمَا اخْتَارَهُ الْمُحَشِّي هُوَ مَا عَلَيْهِ الْمُتُونُ كَمَا لَا يَخْفَى لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ صَاحِبَ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ذَكَرَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْحُكْمَ ثُمَّ ذَكَرَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الذَّخِيرَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلزَّوْجِ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ لَا فِي حَقِّ وُصُولِ النَّفَقَةِ إلَيْهِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْحُكْمَ أَيْ حُكْمَ التَّعْلِيقِ، وَهُوَ الْحِنْثُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ أَمَّا كَوْنُ الْقَوْلِ لَهُ فِي وُصُولِ النَّفَقَةِ إلَيْهَا أَيْضًا فَلَا وَجْهَ لَهُ أَصْلًا لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا عَلَّقَ عَلَى عَدَمِ أَدَاءِ الدَّيْنِ لِدَائِنِهِ فِي، وَقْتِ كَذَا فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْقَوْلُ لِلْحَالِفِ فِي الْأَدَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى إلْمَامٍ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ مَا فِي الذَّخِيرَةِ تَفْصِيلٌ، وَبَيَانٌ لِهَذَا الْقَوْلِ لَا قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُتُونِ، وَأَفْتَى بِهِ فِي فَتَاوَاهُ لَكِنْ أَخَّرَ كَلَامًا هُنَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْقَوْلِ الْآخَرِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ مِنْ أَنَّ التَّصْحِيحَ الصَّرِيحَ أَقْوَى مِنْ الِالْتِزَامِيِّ، وَعَلَى مَا قَالَهُ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بِقَيْدٍ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ مَا يُخَالِفُهُ يَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي فَصْلِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ، وَإِنْ ادَّعَى وُصُولَ النَّفَقَةِ إلَيْهَا، وَادَّعَتْ حُصُولَ الشَّرْطِ قِيلَ الْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْوُقُوعَ لَكِنْ لَا يَثْبُتُ وُصُولُ النَّفَقَةِ إلَيْهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي هَذَا، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَدَّعِي إيفَاءَ حَقٍّ، وَهِيَ تُنْكِرُ

الصفحة 26