كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 4)

أَنَّهُ مِنْ الرَّحِمِ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ الْمَحَلِّيَّةُ فِي الِاسْتِنَادِ دُونَ التَّبْيِينِ، وَكَذَا الِاسْتِنَادُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَائِمِ دُونَ الْمُتَلَاشِي، وَأَثَرُ التَّبْيِينِ يَظْهَرُ فِيهِمَا فَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْيَمِينِ بِشَهْرٍ فَإِنْ مَاتَ لِتَمَامِ الشَّهْرِ طَلَقَتْ مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ فَتُعْتَبَرُ الْعِدَّةُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَلَوْ وَطِئَهَا فِي الشَّهْرِ صَارَ مُرَاجِعًا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَغَرِمَ الْعُقْرَ لَوْ كَانَ بَائِنًا، وَيَرُدُّ الزَّوْجُ بَدَلَ الْخُلْعِ إلَيْهَا لَوْ خَالَعَهَا فِي خِلَالِهِ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ، وَلَوْ مَاتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْعِدَّةِ بِأَنْ كَانَتْ بِالْوَضْعِ أَوْ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ الْمَحَلِّ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِيهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ لَا بِطَرِيقِ التَّبْيِينِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ يَقَعُ مُقْتَصِرًا عَلَى الْقُدُومِ لَا مُسْتَنِدًا. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَفِي إنْ حِضْت حَيْضَةً يَقَعُ حِينَ تَطْهُرُ) يَعْنِي إمَّا بِمُضِيِّ الْعَشَرَةِ مُطْلَقًا أَوْ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ مَعَ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ إذَا انْقَطَعَ لِأَقَلَّ مِنْهَا لِأَنَّ الْحَيْضَةَ اسْمٌ لِلْكَامِلَةِ، وَكَذَا إذَا قَالَ نِصْفُ حَيْضَةٍ أَوْ ثُلُثُهَا أَوْ سُدُسُهَا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ حَيْضَتِك أَوْ فِي حَيْضَتِك بِالتَّاءِ كَقَوْلِهِ إنْ صُمْت يَوْمًا أَوْ صَلَّيْت صَلَاةً لَا يَحْنَثُ إلَّا بِصَوْمِ يَوْمٍ كَامِلٍ، وَبِشَفْعٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جِنْسِ الْحَيْضِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ إنْ صُمْت أَوْ صَلَّيْت.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ حِينَ تَطْهُرُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ حِينَ رَأَتْ الدَّمَ إلَى أَنَّهُ بِدْعِيٌّ، وَإِلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَائِضًا لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ تَطْهُرْ ثُمَّ تَحِيضُ كَقَوْلِهِ لِطَاهِرَةٍ إذَا طَهُرْت فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْيَمِينَ تَقْتَضِي شَرْطًا مُسْتَقْبَلًا، وَفِي الصِّحَاحِ الْحَيْضَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَالْحِيضَةُ بِالْكَسْرِ الِاسْمُ، وَالْجَمْعُ الْحِيَضُ. اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ لَهَا، وَهِيَ حَائِضٌ إذَا حِضْت فَأَنْت طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى حَيْضٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ حِضْت غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حَائِضٌ فَهُوَ عَلَى دَوَامِ ذَلِكَ الْحَيْضِ إلَى الْغَدِ إنْ دَامَ إلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ الْغَدِ طَلَقَتْ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهَا مِنْ الْغَدِ فَيُحْمَلُ عَلَى الدَّوَامِ إذَا عَلِمَ. اهـ.
وَفِي الْكَافِي لَوْ قَالَتْ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ حِضْت وَطَهُرْت، وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ تَطْلُقُ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ عَنْ الْأَمَانَةِ فِي أَوَانِهَا.
وَلَوْ قَالَتْ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ إنِّي حِضْت، وَطَهُرْت ثُمَّ حِضْت حَيْضَةً أُخْرَى، وَأَنَا الْآنَ حَائِضٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَلَكِنْ إذَا طَهُرَتْ يَقَعُ لِأَنَّهَا أَخَّرَتْ الْإِخْبَارَ عَنْ أَوَانِهِ فَصَارَتْ مُتَّهَمَةً، وَلَوْ قَالَ إذَا حِضْت فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ حِضْت، وَأَنَا حَائِضٌ السَّاعَةَ فَالْقَوْلُ لَهَا لِأَنَّ الْإِخْبَارَ فِي أَوَانِهِ، وَلَوْ قَالَتْ حِضْت وَطَهُرْت لَا تُصَدَّقُ حَتَّى تَحِيضَ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ، وَالْحَالُ مُنَافِيَةٌ لِمَا أَخْبَرَتْ. اهـ.
وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِخْبَارَ كَالْوَصِيِّ وَالْمَوْلَى وَالْمُرَاجِعِ وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَمَنْ لَهُ الْخِيَارُ قَالَ إذَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ مُحْتَمَلَةٍ حِضْت وَطَهُرْت وَقَعَ، وَلَوْ قَالَتْ حِضْت وَطَهُرْت، وَأَنَا حَائِضٌ لَا حَتَّى تَطْهُرَ، وَلَوْ قَالَ إذَا حِضْت فَقَالَتْ حِضْت مُنْذُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَقَعَ، وَلَا تُتَّهَمُ فِي التَّأْخِيرِ لِلْعُذْرِ، وَلَوْ قَالَتْ وَطَهُرْت لَا. اهـ.
وَذَكَرَ فِي بَابِ الْحِنْثِ يَقَعُ بِالْحَيْضِ وَالْفِعْلِ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ تَحِيضِي حَيْضَةً بِشَهْرٍ فَحَاضَتْ بَعْدَهُ طَلَقَتْ، وَلَا يُنْتَظَرُ الطُّهْرُ لِلْبَيْنُونَةِ، وَاخْتَلَفُوا، وَالْأَصَحُّ فِيهِ أَنَّهُ يُقْتَصَرُ، وَلَوْ قَالَ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ أَوْ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ، وَتَقَدَّمَ الْقُدُومُ يَقَعُ، وَالْمَوْتُ لَا، بِخِلَافِ مَا إذَا قَدِمَ، وَمَاتَ لِلتَّعْلِيقِ اهـ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ، وَإِذَا حِضْت نِصْفَهَا الْآخَرَ فَأَنْت طَالِقٌ لَا يَقَعُ شَيْءٌ مَا لَمْ تَحِضْ، وَتَطْهُرْ فَإِذَا حَاضَتْ، وَطَهُرَتْ وَقَعَ تَطْلِيقَتَانِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا، وَهِيَ حَائِضٌ إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ وَهِيَ مَرِيضَةٌ إذَا مَرِضْت فَهَذَا عَلَى حَيْضٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَمَرَضٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ نَوَى مَا يَحْدُثُ مِنْ هَذَا الْحَيْضِ أَوْ مَا يَزِيدُ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ فَهُوَ كَمَا نَوَى، وَكَذَا إذَا قَالَ لِصَاحِبَةِ الرُّعَافُ إنْ رَعَفْت، وَكَذَا إذَا قَالَ لِلْحُبْلَى إذَا حَبِلْت فَهُوَ عَلَى حَبَلٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَوْ نَوَى الْحَبَلَ الَّذِي هِيَ فِيهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَجْزَاءٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ بِخِلَافِ الْحَيْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ إذَا طَهُرَتْ يَقَعُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِخْبَارِ ثَانِيًا حَالَةَ الطُّهْرِ لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الذَّخِيرَةِ عَنْ الْجَامِعِ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا إذَا أَخْبَرَتْ عِنْدَ الطُّهْرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ هَذِهِ الْحَيْضَةِ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِإِخْبَارِهَا عَمَّا هُوَ شَرْطُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ حَالَ قِيَامِهَا (قَوْلُهُ لَا تُصَدَّقُ حَتَّى تَحِيضَ) أَيْ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطُّهْرِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا قَالَ لَهَا إذَا حِضْت بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّهَا إذَا أَخْبَرَتْ بِحَيْضَتِهَا الثَّانِيَةِ لَا يُقْبَلُ حَتَّى تَطْهُرَ لِأَنَّهَا مُصَوَّرَةٌ فِيمَا إذَا قَالَ إذَا حِضْت حَيْضَةً، وَهِيَ اسْمٌ لِلْكَامِلَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدِمَ أَوْ مَاتَ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَائِدَةٌ أَوْ فِيهِ سَقْطٌ، وَالْأَصْلُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إذَا قِدَمَ أَوْ مَاتَ فَلْيُرَاجَعْ

الصفحة 32