كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 4)

الْيَمِينِ لَا يُبْطِلُهَا، وَفِي الْقُنْيَةِ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ بُخَارَى إلَّا بِإِذْنِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ فَجُنَّ أَحَدُهُمْ لَا يَخْرُجُ لِأَنَّهُ إنْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ حَنِثَ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَحْنَثْ لِبُطْلَانِ الْيَمِينِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ أَوْ الْعِتْقَ بِالْوَطْءِ لَمْ يَجِبْ الْعُقْرُ بِاللُّبْثِ) أَيْ لَمْ يَجِبْ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَالْمُعْتَقَةِ بِالْمُكْثِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ لِأَنَّ الْجِمَاعَ هُوَ إدْخَالُ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ، وَلَيْسَ لَهُ دَوَامٌ حَتَّى يَكُونَ لِدَوَامِهِ حُكْمُ ابْتِدَائِهِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا لَا يَحْنَثُ بِاللُّبْثِ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُدْخِلَ دَابَّتَهُ الْإِصْطَبْلَ وَهِيَ فِيهِ فَأَمْسَكَهَا فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ الْجِمَاعُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُسَاعَدَةِ فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا كَثِيرًا مَا يَقُولُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَلَسْتُمْ جَامَعْتُمُونَا فِي كَذَا أَيْ وَافَقْتُمُونَا، وَحُكِيَ عَنْ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُمْلِي عَلَى ابْنَتِهِ مَسَائِلَ يَقُولُ فِي إمْلَائِهِ أَلَسْنَا قَدْ جَامَعْنَاكُمْ عَلَى كَذَا أَوَلَسْتُمْ قَدْ جَامَعْتُمُونَا عَلَى كَذَا فَتَبَسَّمَتْ ابْنَتُهُ يَوْمًا مِنْ ذَلِكَ فَوَقَعَ بَصَرُهُ عَلَيْهَا فَقَالَ مَا شَأْنُك فَتَبَسَّمَتْ مَرَّةً أُخْرَى فَأَحَسَّ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهَا ذَهَبَتْ إلَى الْجِمَاعِ الْمَعْرُوفِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَقَالَ أَوَ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا فَاحْتَرَقَ غَضَبًا، وَقَطَعَ الْإِمْلَاءَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ اللَّهُمَّ لَا أُرِيدُ حَيَاةً بَعْدَ هَذَا فَتَمَنَّى الْمَوْتَ فَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ أَشَارَ بِنَفْيِ الْعُقْرِ فَقَطْ إلَى ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بِاللُّبْثِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ النَّزْعُ لِلْحَالِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ جَامَعَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا فَتَذَكَّرَ وَدَامَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ نَزَعَ مِنْ سَاعَتِهِ لَا، وَقَيَّدْنَا الْمُكْثَ بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ لِأَنَّهُ لَوْ تَحَرَّكَ لَزِمَهُ مَهْرٌ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْإِيلَاجِ، وَلِذَا قَالُوا أَوْلَجَ ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ جَامَعْتُك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ إنْ نَزَعَ أَوْ لَمْ يَنْزِعْ، وَلَمْ يَتَحَرَّكْ حَتَّى أَنْزَلَ لَا تَطْلُقُ، وَلَا تَعْتِقُ، وَإِنْ حَرَّكَ نَفْسَهُ طَلَقَتْ وَعَتَقَتْ، وَيَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالْحَرَكَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَجِبُ لِلْأَمَةِ الْعُقْرُ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ جَامَعَ عَامِدًا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَطَلَعَ الْفَجْرُ وَجَبَ النَّزْعُ فِي الْحَالِ فَإِنْ حَرَّكَ نَفْسَهُ قَضَى، وَكَفَّرَ كَمَا لَوْ حَرَّكَ بَعْدَ التَّذَكُّرِ فِي الْأُولَى كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الصَّوْمِ، وَفِي الْمِعْرَاجِ، وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَيَمِينُهُ عَلَى الْجِمَاعِ، وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيُّ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ يَمِينُهُ عَلَى الْوَطْءِ بِالْقَدَمِ، وَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِهِ الْجِمَاعَ، وَلَمْ يُقْبَلْ، وَقَدْ غَلَّطَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي النَّقْلِ عَنْ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ لَوْ قَالَ لَهَا إنْ وَطِئْتُك فَهُوَ عَلَى الْجِمَاعِ فِي فَرْجِهَا بِذَكَرِهِ، وَلَوْ نَوَى الدَّوْسَ بِالْقَدَمِ لَا يُصَدَّقُ فِي الصَّرْفِ عَنْ الْجِمَاعِ، وَيَحْنَثُ بِالدَّوْسِ بِالْقَدَمِ أَيْضًا لِاعْتِرَافِهِ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْت مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ امْرَأَةٍ فَهُوَ عَلَى الدَّوْسِ بِالْقَدَمِ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا. اهـ.
، وَالْعُقْرُ بِالضَّمِّ مَهْرُ الْمَرْأَةِ إذَا وُطِئَتْ عَلَى شُبْهَةٍ، وَبِالْفَتْحِ الْجَرْحُ مِنْ عَقَرَهُ أَيْ جَرَحَهُ فَهُوَ عَقِيرٌ كَذَا فِي الصِّحَاحِ، وَفِي الْقَامُوسِ الْعُقْرُ بِالضَّمِّ دِيَةُ الْفَرْجِ الْمَغْصُوبِ، وَصَدَاقُ الْمَرْأَةِ. اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْعُقْرُ بِالضَّمِّ دِيَةُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ إذَا غُصِبَتْ عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَهْرِ انْتَهَى، وَاللُّبْثُ مِنْ لَبِثَ بِالْمَكَانِ لَبَثًا مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَجَاءَ فِي الْمَصْدَرِ السُّكُونُ لِلتَّخْفِيفِ، وَاللَّبْثَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ، وَبِالْكَسْرِ الْهَيْئَةُ وَالنَّوْعُ، وَالِاسْمُ اللُّبْثُ بِالضَّمِّ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَفِي الْقَامُوسِ اللَّبْثُ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُكْثُ مِنْ لَبِثَ كَسَمِعَ، وَهُوَ نَادِرٌ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ مِنْ فَعِلَ بِالْكَسْرِ قِيَاسُهُ التَّحْرِيكُ إذَا لَمْ يَتَعَدَّ انْتَهَى، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي الْمِصْبَاحِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْمَصْدَرَ بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَأَنَّ السُّكُونَ جَائِزٌ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَصِرْ بِهِ مُرَاجِعًا فِي الرَّجْعِيِّ إلَّا إذَا أَوْلَجَهُ ثَانِيًا) أَيْ لَمْ يَصِرْ بِاللُّبْثِ مُرَاجِعًا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ بِتَعَرُّضٍ لِلْبُضْعِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِيرُ مُرَاجِعًا لِوُجُودِ الْمِسَاسِ بِشَهْوَةٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَجَزْمُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ فِعْلٌ وَاحِدٌ فَلَيْسَ لِآخِرِهِ حُكْمُ فِعْلٍ عَلَى حِدَةٍ، وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ مُرَاجِعًا عِنْدَ الْكُلِّ لِوُجُودِ الْمِسَاسِ بِشَهْوَةٍ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَيَنْبَغِي تَصْحِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِظُهُورِ دَلِيلِهِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصفحة 38