كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 4)

إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِذَا أَوْلَجَ ثَانِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَصَارَ مُرَاجِعًا فَجَعْلُ الشَّارِحِ إيَّاهُ رَاجِعًا إلَى الثَّانِيَةِ قُصُورٌ، وَقَيَّدَ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ بِالْإِيلَاجِ ثَانِيًا وَإِنْ كَانَ جِمَاعًا لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ أَنَّهُ جِمَاعٌ وَاحِدٌ بِالنَّظَرِ إلَى اتِّحَادِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ، وَقَدْ كَانَ أَوَّلُهُ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ فَلَا يَكُونُ آخِرَهُ مُوجِبًا لَهُ، وَإِنْ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَوَجَبَ الْمَهْرُ لِأَنَّ الْبُضْعَ الْمُحْتَرَمَ لَا يَخْلُو عَنْ عُقْرٍ أَوْ عُقْرٍ، وَفِي الْمِعْرَاجِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إذَا أَخْرَجَ ثَمَّ أَوْلَجَ فِي الْعِتْقِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْحَدُّ لِأَنَّهُ وَطِئَ لَا فِي مِلْكٍ، وَلَا فِي شُبْهَةٍ، وَهِيَ الْعِدَّةُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِوُجُودِ الْعِدَّةِ، وَجَوَابُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِابْتِدَاءِ فِعْلٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَالْمَقْصُودِ. اهـ.
وَقَيَّدَ بِالتَّعْلِيقِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَإِنْ لَبِثَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْزِعْ وَجَبَ مَهْرَانِ مَهْرٌ بِالْوَطْءِ، وَمَهْرٌ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْنِفْ الْإِدْخَالَ لِأَنَّ دَوَامَهُ عَلَى ذَلِكَ فَوْقَ الْخَلْوَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ كَذَا نَقَلُوا، وَتَخْصِيصُ الرِّوَايَةِ بِمُحَمَّدٍ لَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافٍ بَلْ لِأَنَّهَا رُوِيَتْ عَنْهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا فَاسْتَلْقَى وَجَاءَتْ وَقَضَتْ مِنْهُ حَاجَتَهَا يَحْنَثُ فِيمَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَلَوْ نَائِمًا لَا يَحْنَثُ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ جَامَعْتُك فَأَنْت حُرَّةٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا وَيَطَأَهَا فَتَنْحَلُّ لَا إلَى جَزَاءٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ فَيَطَؤُهَا فَلَا تَعْتِقُ. حَلَفَ لَا يَغْشَاهَا، وَهُوَ عَلَيْهَا فَالْيَمِينُ عَلَى الْإِخْرَاجِ ثُمَّ الْإِدْخَالِ فَإِنْ دَامَ عَلَيْهَا لَا يَحْنَثُ، وَذَكَرَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْجِمَاعِ لَا يَحْنَثُ بِالْجِمَاعِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَإِنْ أَنْزَلَ إلَّا إذَا نَوَى انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَلَا تَطْلُقُ فِي إنْ نَكَحْتهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ فَنَكَحَ عَلَيْهَا فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ) يَعْنِي لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ الْجَدِيدَةُ فِيمَا إذَا قَالَ لِلَّتِي تَحْتَهُ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى فِي عِدَّتِهَا لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ عَلَيْهَا أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهَا مَنْ يُنَازِعُهَا فِي الْفِرَاشِ، وَيُزَاحِمُهَا فِي الْقَسْمِ، وَلَمْ يُوجَدْ. قَيَّدَ بِالْبَائِنِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا طَلَقَتْ كَمَا فِي شَرْحِ مِسْكِينٍ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ جَعَلَ أَمْرَ الْمَرْأَةِ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا بِأَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك امْرَأَةً فَأَمْرُهَا بِيَدِك أَوْ قَالَ مَا دُمْت امْرَأَتِي ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ خَالَعَهَا وَتَزَوَّجَ أُخْرَى فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ بِالْأُولَى لَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ حَالُ الْمُنَازَعَةِ فِي الْقَسْمِ، وَلَمْ يُوجَدْ وَقْتَ الْإِدْخَالِ، وَإِنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَأَمْرُهَا بِيَدِك فَأَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ بِأُخْرَى صَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا. اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك امْرَأَةً فَأَمْرُهَا بِيَدِك ثُمَّ دَخَلَتْ الْمَرْأَةُ فِي نِكَاحِهِ بِنِكَاحِ الْفُضُولِيِّ، وَأَجَازَ بِالْفِعْلِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَهَا، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ فِي نِكَاحِي فَلَهَا ذَلِكَ، وَكَذَا فِي التَّوْكِيلِ بِذَلِكَ انْتَهَى، وَفِي آخِرِ الْأَيْمَانِ إنْ سَكَنْت فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَخَرَجَ فِي الْفَوْرِ، وَخَلَعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ سَكَنَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِامْرَأَتِهِ وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ لِفِعْلِ الْآخَرِ فَفَعَلَ أَحَدَ الْفِعْلَيْنِ حَتَّى بَانَتْ امْرَأَتُهُ ثُمَّ فَعَلَ الْآخَرَ فَقِيلَ لَا يَقَعُ الثَّانِي لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِامْرَأَتِهِ عِنْدَ الشَّرْطِ، وَقِيلَ يَقَعُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ انْتَهَى، وَفِي الْقُنْيَةِ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ إنْ أَمْسَكْت امْرَأَتِي إلَى مَمَاتِي فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَتْرُكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ يَوْمٍ لَا يَقَعُ لِأَنَّهَا بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ خَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ امْرَأَتُهُ فَبِالنِّكَاحِ لَمْ يُمْسِكْ امْرَأَتَهُ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَلَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِحَدِيثٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ مَرْفُوعًا «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ» ، وَقَدْ بَحَثَ فِيهِ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ قَيَّدَ بِالِاتِّصَالِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُكُوتٌ كَثِيرٌ بِلَا ضَرُورَةٍ ثَبَتَ حُكْمُ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ السُّكُوتُ بِالْجُشَاءِ أَوْ التَّنَفُّسِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ لِأَنَّ دَوَامَهُ عَلَى ذَلِكَ فَوْقَ الْخَلْوَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ إذْ قَدْ جَعَلَ لِآخِرِ هَذَا الْفِعْلِ الْوَاحِدِ حُكْمٌ عَلَى حِدَةٍ. اهـ.
وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مَا مَرَّ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَمَا هُنَا رِوَايَةٌ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْبِيرُ بِعَنْ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ سُقُوطُ الْإِشْكَالِ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ آخِرِ الْفِعْلِ هُنَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ خَلْوَةً فَأَوْجَبَتْ الْمَهْرَ، وَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِيمَا مَرَّ لِإِيجَابِ الْحَدِّ

الصفحة 39