كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 6)

الْمُدَّةِ انْفَسَخَ فَإِنْ قَالَ بَعْدَهُ أَجَزْتُ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَأَجَازَ ثُمَّ فَسَخَ وَقَبِلَ الْبَائِعُ جَازَ وَيَنْفَسِخُ وَمَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَوْ اخْتَارَ الرَّدَّ أَوْ الْقَبُولَ بِقَلْبِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِتَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ اهـ.
قَالَ فِيهِ شَرَى بِخِيَارٍ فَأَرَادَ رَدَّهُ فَاخْتَفَى بَائِعُهُ قِيلَ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ عَنْ الْبَائِعِ خَصْمًا لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا اهـ.
وَهَكَذَا ذُكِرَ الْخِلَافُ فِي الْمِعْرَاجِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ وَتَمَّ الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَالْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ تَحْصُلُ الْإِجَازَةُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ وَهُوَ كَلَامٌ مُوهِمٌ مُوقِعٌ فِي الْغَلَطِ فَإِنَّ فِي بَعْضِهَا يَكُونُ إجَازَةً سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَفِي بَعْضِهَا إنَّمَا يَكُونُ إجَازَةً إذَا كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا مِنْ الْبَائِعِ فَفَسْخٌ أَمَّا الْمَوْتُ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ لِخِيَارِ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا وَلَا يُورَثُ عِنْدَنَا كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَّا مَشِيئَةً وَإِرَادَةً وَلَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ وَالْإِرْثُ فِيمَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ لَا فِيمَا لَا يَقْبَلُهُ كَمِلْكِ الْمَنْكُوحَةِ وَالْعُقُودُ الَّتِي عَقَدَهَا الْمُوَرِّثُ لَا تَنْتَقِلُ وَإِنَّمَا مَلَكَ الْوَارِثُ الْإِقَالَةَ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ وَلِذَا مَلَكَهَا الْمُوَكِّلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِدًا كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا خِيَارُ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ مَوْرُوثٌ لِكَوْنِ الْمُوَرِّثِ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ سَلِيمًا فَكَذَا الْوَارِثُ فَفِي التَّحْقِيقِ الْمَوْرُوثُ الْعَيْنُ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ فَأَمَّا نَفْسُ الْخِيَارِ فَلَا يُورَثُ وَفِي الْمِعْرَاجِ أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَعَيَّبَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُشْتَرِي فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ لِلْوَارِثِ رَدُّهُ وَأَمَّا خِيَارُ التَّعْيِينِ فَيَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاء لِاخْتِلَاطِ مِلْكِهِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ لَا أَنْ يُورَثَ الْخِيَارُ هَكَذَا ذَكَرُوا وَزَادَ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ وَلَا يَتَأَقَّتُ خِيَارُهُ بِخِلَافِ الْمُوَرِّثِ اهـ.
وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذَيْنِ حُكْمَا خِيَارِ الشَّرْطِ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا فِيمَا رَأَيْت عَلَى غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْخِيَارَاتِ هَلْ تُورَثُ أَوْ لَا إلَّا خِيَارَ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُورَثُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِمَوْتِهِ عَائِدٌ إلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ احْتِرَازًا عَنْ مَوْتِ مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ فَالْخِيَارُ بَاقٍ لِمَنْ شُرِطَ لَهُ فَإِنْ أَمْضَى مَضَى وَإِنْ فَسَخَ انْفَسَخَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْوَكِيلُ إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَمَاتَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ فِي الْمُدَّةِ بَطَلَ الْخِيَارُ وَتَمَّ الْبَيْعُ اهـ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَكِيلُ الْبَيْعِ أَوْ الْوَصِيُّ بَاعَ بِخِيَارٍ أَوْ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ بَاعَ بِخِيَارٍ لِغَيْرِهِ فَمَاتَ الْوَكِيلُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُوَكِّلُ أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ مَنْ بَاعَ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ قَالَ مُحَمَّدٌ يَتِمُّ الْبَيْعُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حَقًّا فِي الْخِيَارِ وَالْجُنُونُ كَالْمَوْتِ اهـ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ الْبَيْعُ مِنْ جِهَتِهِ وَالْآخَرُ عَلَى خِيَارِهِ اهـ.
وَقَدْ أَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَنْتَقِلُ عَمَّنْ هُوَ لَهُ إلَى غَيْرِهِ فَلِذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا اشْتَرَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلْيَتِيمِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ فِي الْمُدَّةِ تَمَّ الْبَيْعُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الِابْنِ فَكَأَنَّهُ بَاشَرَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ حَتَّى قِيلَ لَا تَتَأَقَّتُ بِالثَّلَاثِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَفْسَخَ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ إلَّا بِرِضَاهُ وَرُوِيَ أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْوَصِيَّ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا لِلصَّغِيرِ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ فِي الْمُدَّةِ ثُمَّ أَجَازَ أُنْفِذَ الشِّرَاءُ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْإِجَازَةُ بِرِضَا الصَّغِيرِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيَنْفُذُ عَلَيْهِ وَلَوْ حَجَرَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ تَمَّ الْبَيْعُ وَقِيلَ يَنْتَقِلُ الْخِيَارُ إلَى الْمَوْلَى وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ عَجَزَ فِي الثَّلَاثِ تَمَّ الْبَيْعُ عِنْدَ هُمْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَنْتَقِلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأُولَى هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَكِنْ خَرَجَ عَنْهُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنَّ لِلْمَوْلَى الْإِجَازَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَدْيُونًا وَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَفْسَخُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِمَا يَكُونُ فَسْخًا مِنْ الْأَفْعَالِ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ إذَا عُزِلَ وَلَهُ الْخِيَارُ فَإِنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ]
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا فِيمَا رَأَيْت إلَخْ) نَقَلَ الْبِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ غَدًا فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَمَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْغَدِ وَقَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ نَقْدُ الْمَالِ اهـ.
وَهَذَا حُكْمُ خِيَارِ النَّقْدِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ بَحْثًا وَذَكَرَ فِي الْمِنَحِ بَحْثًا أَنَّ خِيَارَ التَّعْزِيرِ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي خِلَافُهُ عَنْ الْمُحَشِّي الرَّمْلِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ وَقَالَ الْبِيرِيُّ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ مَا نَصُّهُ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الضِّيَاءِ وَأَمَّا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُورَثُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ خِيَارَ الْقَبُولِ لَا يُورَثُ وَكَذَا خِيَارُ الْإِجَازَةِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَكَذَا الْأَجَلُ لَا يُورَثُ اهـ.
لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ يُورَثُ خِلَافُ مَا ذَكَره الْمُؤَلِّفُ هُنَا وَخِلَافُ مَا فِي الْغُرَرِ وَالْوِقَايَةِ وَالْمُنْتَقَى وَمُخْتَصَرِ النُّقَايَةِ وَإِصْلَاحِ الْوِقَايَةِ لِابْنِ كَمَالٍ

الصفحة 19